القائمة الرئيسية

الصفحات

علم النفس الرقمي. أداة لتغيير هوية وقناعات الشعوب

د.نفين حسني
إستشاري علم نفس رقمي 
عضو الهيئة الإستشارية العليا لتكنولوچيا المعلومات ونائب رئيس لجنة التحول الرقمي

علم النفس الرقمي: أداة لتغيير هوية وقناعات الشعوب
في عصر التكنولوجيا الحديثة، أصبح علم النفس الرقمي واحدًا من أهم الأدوات لفهم تأثير البيئة الرقمية على النفس البشرية. يمتد تأثير هذا العلم ليشمل تغيير الهوية الفردية والجماعية، والتأثير على قناعات الشعوب وتوجيهها بطرق خفية ومباشرة.
فما هو علم النفس الرقمي؟
علم النفس الرقمي هو فرع من علم النفس يركز على دراسة السلوكيات والعواطف البشرية في البيئة الرقمية. يهتم بكيفية تفاعل الأفراد مع التكنولوجيا وتأثير منصات التواصل الاجتماعي، والخوارزميات، والأدوات الرقمية على تشكيل الهوية الفردية والاجتماعية.
كيف يتم تغيير الهوية عبر الأدوات الرقمية؟
أولا بالتلاعب بالهوية الفردية عن طريق الصور والمحتوى الشخصي من خلال تشجيع المنصات الرقمية الأفراد على بناء "نسخ مثالية" لأنفسهم من خلال تعديل الصور والمحتوى، مما يخلق فجوة بين الهوية الحقيقية والهوية الرقمية ثم يأتي دور التبني الثقافي حيث تؤدي الانغماسات الرقمية في محتوى عالمي إلى ذوبان الثقافات المحلية في ثقافات عالمية جديدة، مما يؤثر على الهوية الشخصية.
ثانيا بالتلاعب في الهوية الجماعية والتغيير الاجتماعي من خلال التأثير على الانتماءات لان المنصات الرقمية قادرة على تشكيل الانتماءات من خلال المجموعات الافتراضية، مما يؤدي إلى إعادة تشكيل الهوية الجماعية.
من أبرز الأدوات إعادة كتابة التاريخ الرقمي، ففي بعض الحالات، يتم استخدام الأدوات الرقمية لإعادة صياغة الأحداث والتاريخ، مما يؤثر على الشعور الجمعي تجاه الهوية الوطنية أو الثقافية.
كيف يتم التأثير على قناعات الشعوب؟
1. الإقناع الرقمي والخوارزميات:
o تستخدم المنصات الاجتماعية خوارزميات مخصصة تعرض المحتوى بناءً على تفضيلات المستخدم، مما يخلق "فقاعات معرفية" تؤدي إلى تعزيز القناعات القائمة.
o الإعلانات السياسية الموجهة تستخدم التحليل النفسي الرقمي للتأثير على القرارات الانتخابية والقناعات السياسية.
2. بث المعلومات المضللة:
o التلاعب بالمعلومات: يتم استغلال المنصات الرقمية لنشر معلومات مضللة تؤدي إلى تضليل الشعوب وتوجيه آرائهم.
o صناعة العدو الافتراضي: استخدام الحملات الرقمية لتضخيم الفروقات الثقافية والدينية لإثارة الانقسام بين الشعوب.
3. الأدوات النفسية للتأثير العاطفي:
o نشر المحتوى العاطفي مثل الصور والفيديوهات المؤثرة لتوجيه القناعات وزيادة التأييد لقضايا معينة.
ما هي طرق مواجهة التلاعب الرقمي؟
1. التثقيف الرقمي: تعزيز وعي الأفراد بآليات التلاعب الرقمي وكيفية التفاعل الذكي مع المحتوى الرقمي.
2. تنظيم الخوارزميات: فرض قيود قانونية على كيفية عمل الخوارزميات التي تؤثر على سلوك الأفراد.
3. مراجعة المعلومات: تشجيع الشعوب على التحقق من صحة المعلومات قبل تصديقها أو مشاركتها.
4. تعزيز الهوية الذاتية: دعم الهوية الحقيقية للأفراد والمجتمعات عبر تشجيعهم على التعبير الحر عن أنفسهم.
5. استخدام التكنولوجيا بشكل إيجابي: توظيف الأدوات الرقمية لنشر القيم الإيجابية وتعزيز التضامن الثقافي والاجتماعي.

أصبح علم النفس الرقمي سلاح ذو حدين. فبينما يمكن استخدامه لتعزيز التفاهم وبناء الهويات الإيجابية، يمكن أن يصبح أداة قوية للتلاعب بالهوية والقناعات. لذا، من الضروري تعزيز الوعي والتثقيف الرقمي لمواجهة هذه التحديات وتحقيق توازن صحي بين التكنولوجيا والهوية الإنسانية.

تعليقات