بقلم : على فتحى
منذ أكثر من عقد من الزمن يعاني الشعب السوري من ويلات الحرب والصراع المستمر الذي ألقى بظلاله على جميع جوانب الحياة في البلاد تزايد التدخلات الإقليمية والدولية جعل من سوريا ساحة لتصفية الحسابات حيث تصارعت القوى المختلفة لتحقيق مصالحها على حساب الشعب السوري الذي يدفع ثمنًا باهظًا الهجمات الإسرائيلية الأخيرة على مناطق حيوية في سوريا لا تمثل فقط تصعيدًا عسكريًا لكنها أيضًا تعبير عن استراتيجية إقليمية تهدف إلى تقليص نفوذ إيران في المنطقة وتفكيك أي تحالفات إيرانية قد تهدد الأمن الإسرائيلي هذه الغارات الجوية التي استهدفت مرافق حيوية مثل مطار القامشلي ودمشق تركت تأثيرات بعيدة المدى على قدرة الدفاع السوري وزادت من تعقيد الوضع العسكري في سوريا بشكل كبير.
وعلى الجبهة التركية السورية تواصل المعارك اشتعالها في مدينة منبج بين قوات سوريا الديمقراطية والفصائل المسلحة المدعومة من تركيا في حرب غير مباشرة بين أنقرة والأكراد الدعم التركي الهائل لهذه الفصائل يشمل الأسلحة المتطورة والطائرات المسيرة والمدفعية الثقيلة مما يسهم في استمرار المعارك الضارية التي لا تلوح لها نهاية قريبة ورغم التفوق التركي العسكري فإن قوات سوريا الديمقراطية أظهرت قدرة على مقاومة الهجمات والتراجع عن بعض النقاط ما يعكس صعوبة فرض السيطرة على الأرض في مناطق مثل منبج التي تشهد مزيجًا من الولاءات والتحالفات المتغيرة هذا التصعيد يعكس في جوهره التنافس الإقليمي في سوريا حيث تحاول كل دولة تحقيق أهدافها دون النظر إلى تداعيات ذلك على الشعب السوري الذي يدفع الثمن الأكبر في هذه الصراعات ، ففي داخل سوريا تبرز معضلة الانقسامات الداخلية التي تعمق من أزمة البلاد رفع صور الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين في بعض المناطق السورية يعد رمزًا لفقدان الثقة في النظام الحالي في سوريا هذه الظاهرة ليست مجرد احتجاجات على الواقع الحالي لكنها أيضًا تعبير عن غياب الأمل في إيجاد حل سياسي ينهي الصراع الوضع السياسي في سوريا يزداد تعقيدًا في ظل وجود العديد من القوى المتصارعة سواء كانت فصائل معارضة أو ميليشيات موالية للنظام هذه الانقسامات السياسية أفرزت حالة من الفوضى التي لا تقتصر على الفاعلين الرئيسيين في النزاع بل تمتد لتشمل كل قطاعات المجتمع السوري التي بدأت تتآكل نتيجة استمرار هذا الصراع الدامي ، أما في ما يتعلق بالعلماء والكوادر السورية فالوضع يزداد سوءًا اغتيال العلماء والخبراء مثل الدكتور حمدي إسماعيل ندى يعد دليلاً على أن كلا الطرفين المتصارعين في سوريا يسعيان إلى إضعاف أي محاولة للنهوض بالبلاد سواء كانت هذه المحاولات علمية أو اقتصادية سوريا التي كانت يومًا من الدول الرائدة في مجالات العلوم والتكنولوجيا أصبحت اليوم ضحية لسياسات ممنهجة تهدف إلى تدمير أي أمل في بناء مستقبل جديد استهداف العقول يعني أن سوريا فقدت أحد أهم مواردها في إعادة البناء والتنمية وهو ما يزيد من تعقيد الوضع في البلد .
التعذيب والاعتقالات لا تقتصر على طرف واحد في الصراع السوري بل تمارسه كل الأطراف بما في ذلك النظام والمعارضة سجون النظام السورية أصبحت ساحة لانتهاك حقوق الإنسان بشكل يومي حيث تشير التقارير إلى وجود آلاف المعتقلين الذين يتعرضون لأشد أنواع التعذيب في المقابل فإن الفصائل المسلحة المعارضة قد ارتكبت العديد من الانتهاكات ضد المدنيين والمعتقلين هذه الانتهاكات تضع الشعب السوري أمام مأزق كبير حيث تزداد معاناته مع كل يوم يمر دون حلول حقيقية أفقية الأزمة السورية لم تعد مجرد صراع سياسي أو عسكري بل أصبحت قضية إنسانية تهدد كيان الدولة نفسها.
سوريا اليوم تواجه واقعًا مريرًا يصعب تصوره حيث باتت ساحة لتصفية الحسابات الإقليمية والدولية على حساب الشعب الذي يدفع الثمن بشكل يومي الأزمة السورية لم تعد مجرد صراع سياسي أو عسكري بل أصبحت قضية إنسانية تهدد كيان الدولة نفسها.
تعليقات
إرسال تعليق