القائمة الرئيسية

الصفحات

بقلم : على فتحى
أثار قرار أبو محمد الجولاني زعيم جبهة النصرة سابقا وأحد أبرز قيادات تنظيم داعش بإغلاق مراكز تدريب حماس والجهاد الإسلامي داخل سوريا ومطالبته لهذه الفصائل بإلقاء أسلحتها وحل تنظيماتها ومغادرة الأراضي السورية جدلا واسعا وتساؤلات عميقة حول أبعاده وأهدافه ، هذا القرار يفتح الباب أمام شكوك كبيرة بشأن الدور الذي يلعبه الجولاني حاليا ومدى قربه من أجندات صهيونية تهدف إلى إعادة تشكيل المشهد الإقليمي ، فالتصريحات المتلفزة التي أدلى بها الجولاني والتي قال فيها إنه ليس بصدد الخوض في صراع مع إسرائيل أثارت موجة من الغضب والاستهجان خاصة أن هذه التصريحات تتناقض مع ادعاءاته السابقة بالجهاد والدفاع عن قضايا الأمة بل تبدو وكأنها تبرير للموقف الإسرائيلي الرافض للمقاومة، هذا التغير الجذري في موقف الجولاني يشير إلى انحراف واضح عن خطاب المقاومة ويدعم الرواية الأمريكية والإسرائيلية التي تتحدث عن مغامرات غير محسوبة في العمل العسكري ضد الاحتلال كما أن الدعوة للجوء إلى الحلول الدبلوماسية بدلا من الكفاح المسلح تبدو كخطوة لإضعاف محور المقاومة لصالح مشاريع أخرى تهدف إلى تقسيم المنطقة وإضعاف قواها الجولاني الذي تلقى تدريبه على أيدي أجهزة استخبارات غربية كما تشير تقارير عديدة يتحرك وفق أجندة واضحة تسعى لتدمير مشروع المقاومة وتفكيك تحالفاتها.
تأتي هذه التطورات في سياق إقليمي مضطرب حيث تبرز محاولات ممنهجة لتفكيك الجيوش العربية الكبرى وإخراجها من معادلة القوة الإقليمية بعد تدمير الجيش العراقي وإضعاف الجيش السوري يبدو أن الهدف الآن هو مصر وجيشها في هذا السياق برزت دعوة تنظيم الإخوان الإرهابي عبر حركة حسم لاستدعاء عناصره وميليشياته لإشعال الأوضاع في مصر وإعادة أجواء الفوضى التي شهدتها البلاد في ألفين وأحد عشر هذه التحركات التي تتزامن مع ما يحدث في سوريا تبدو وكأنها جزء من مخطط أكبر تقوده قوى خارجية لإضعاف مصر كآخر قوة مركزية قادرة على مواجهة المشروع الإسرائيلي في المنطقة كما أن تنظيم الإخوان الذي لطالما عُرف بتعاونه مع قوى خارجية لتحقيق مكاسبه السياسية يظهر اليوم كأداة تخدم المشروع الإسرائيلي كما أن الدعوة لاستهداف المؤسسات المصرية تأتي في وقت حساس للغاية حيث تسعى إسرائيل لاستغلال أي ثغرة لإضعاف المنطقة بشكل كامل ، فالعلاقة بين الإخوان والجولاني رغم الاختلاف الظاهري في الأيديولوجيات تشير إلى تقاطع واضح في المصالح .
 القرارات الأخيرة للجولاني قد تكون جزءا من خطة لتقويض حركات المقاومة الفلسطينية وهو ما يصب في صالح إسرائيل التي فشلت لعقود في القضاء على المقاومة بالقوة وها هي اليوم تحقق مكاسب كبرى بفضل الانقسامات الداخلية في المنطقة ككل كما أن إسرائيل التي استفادت من تفكيك الجيش السوري واستغلال الفوضى داخل الأراضي السورية لاحتلال مساحات جديدة تواصل تنفيذ خططها لتوسيع نفوذها الإقليمي تصريحات الجولاني وتصرفاته الأخيرة تخدم هذا الهدف بشكل مباشر حيث تُضعف الروح المعنوية لمحور المقاومة وتفتح الباب أمام مزيد من التدخلات الخارجية على الجانب الآخر يتضح أن الإخوان الذين كانوا يدعون دعم المقاومة الفلسطينية لا يترددون في التضحية بحماس والجهاد الإسلامي لتحقيق مكاسبهم السياسية .
ما يحدث اليوم ليس مجرد صراعات عابرة بل هو جزء من خطة واسعة تهدف إلى إعادة رسم خارطة التحالفات والعداوات في المنطقة الأدوار المزدوجة التي يلعبها الجولاني والإخوان تشير إلى أن الجهاد والمقاومة باتت شعارات تُستخدم لتحقيق مكاسب ضيقة بينما يتخلى هؤلاء عن المبادئ التي يزعمون الدفاع عنها فور وصولهم إلى السلطة أو لتحقيق أهداف شخصية ، وفي ظل هذا المشهد المعقد تبرز أهمية الوحدة الداخلية واليقظة الشعبية لحماية الدول العربية من مخططات التقسيم والإضعاف مصر التي كانت دائما مستهدفة بسبب موقعها ودورها المحوري تقف اليوم أمام تحد كبير يستدعي تكاتف جميع أبنائها لمواجهة المؤامرات الخارجية والداخلية على حد سواء حفظ الله مصر وشعبها وجيشها من كل شر وأسقط كل من يتآمر عليها سواء من الداخل أو الخارج .

تعليقات