بقلم : علي فتحي
الإسكندرية تلك المدينة التي كانت ذات يوم مركزا للحضارة والعلم في العالم القديم تظل حتى اليوم حاملة أسرارا دفينة تحت شوارعها وأحيائها ، بين هذه الأسرار تبرز مقبرة الإسكندر الأكبر القائد الأسطوري الذي صنع تاريخا عظيما لكنها ظلت لغزا غير مكتمل السؤال الذي يطرح نفسه لماذا تراجع شغفنا وروحنا في البحث عن هذا الكنز المفقود ؟ ولماذا لا نولي اهتماما كافيا بالكنوز المصرية المدفونة التي تزخر بها أراضينا ؟
فمدينة الإسكندرية التى بناها الإسكندر الأكبر تتميز بكونها بوابة الحضارة في البحر المتوسط وتمثل أيضا نقطة التقاء الثقافات ، مناطق مثل كوم الشقافة التي تعد واحدة من أروع المقابر الرومانية في العالم تحمل في طياتها قصصا عن الماضي لم تحك بعد هناك عمود السواري الذي يرمز لصمود الزمن ربما يخفي في محيطه بقايا مقابر أو معابد قديمة أما الأحياء القديمة مثل كرموز بحري والمنشية فهي ليست مجرد أماكن مأهولة بالسكان بل هي مناطق تاريخية تحتضن بين مبانيها وأسوارها دلائل محتملة على وجود مقبرة الإسكندر الأكبر ، كما أشار العديد من المؤرخين مثل سترابو في كتابه الجغرافيا إلى أن مقبرة الإسكندر كانت موجودة في قلب الإسكندرية القديمة بالقرب من المواقع التي قد تكون اليوم تحت المباني الحديثة .
ورغم شهرة مقبرة الإسكندر كواحدة من أعظم ألغاز التاريخ إلا أن محاولات التنقيب عن هذا الإرث العظيم تراجعت بشكل ملحوظ الأسباب متعددة منها ضعف التمويل مشاريع التنقيب تتطلب ميزانيات ضخمة لا يمكن توفيرها دون دعم حكومي أو دولي فهناك البيروقراطية تعيق القوانين المعقدة والتصاريح اللازمة للبدء في أي عملية تنقيب واسعة النطاق ، وغياب الشغف كان حاضرا بالقوة يبدو أن الحماس العالمي لاكتشاف التاريخ قد تراجع أمام أولويات اقتصادية وسياسية أخرى ، إن اكتشاف مقبرة الإسكندر الأكبر سيكون حدثا عالميا سيغير مسار التاريخ ويعيد لمصر مكانتها كأعظم مركز للحضارة في العالم القديم سياحة عالمية سيجذب هذا الاكتشاف ملايين السياح سنويا مما سينعكس بشكل إيجابي على الاقتصاد المصري مكانة علمية ستصبح الإسكندرية مركزا للدراسات الأثرية وستزداد الاستثمارات في البحث العلمي والتاريخي إحياء الهوية الوطنية سيعزز أيضا هذا الاكتشاف فيكفى أن يكون شعور المصريين بالفخر بتاريخهم خاصة بين الأجيال الشابة حاضرا .
أشار المؤرخ ديودور الصقلي في كتابه مكتبة التاريخ إلى أن جثمان الإسكندر نقل من بابل إلى مصر وأنه دفن في مقبرة فخمة بالإسكندرية أما العالم الأثري جان إيف إمبيرور فقد أكد في كتابه الإسكندرية تحت الأرض أن الأحياء القديمة مثل المنشية وكرموز تحتوي على دلائل واعدة لكنها تحتاج إلى جهود جادة للتنقيب ،
فالإسكندرية بمناطقها مثل كوم الشقافة وعمود السواري وحى المنشية و بحري وكرموز تنتظر من يعيد النظر إليها اكتشاف مقبرة الإسكندر الأكبر لن يكون مجرد إنجاز أثري بل هو رسالة للعالم بأن مصر بحضارتها التي تمتد لآلاف السنين ما زالت قادرة على إبهار العالم من الضروري أن يتحول البحث عن مقبرة الإسكندر الأكبر إلى مشروع قومي يشارك فيه علماء الآثار والمؤرخون بدعم حكومي ودولي مصر ليست فقط بلدا يحمل آثار الماضي بل هي أمة تستطيع من خلال تراثها أن تعيد كتابة التاريخ .
تعليقات
إرسال تعليق