القائمة الرئيسية

الصفحات

السبب الحقيقي للهجرة النبوية الشريفة

 
بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله وفق من شاء لعبادته، أحمده سبحانه وأشكره على تيسير طاعته، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وعد المؤمنين بلوغ جنّته، وحذّر العصاة أليم عقوبته، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله، كان إماما في دعوته، وقدوة في منهجه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، صلاة دائمة حتى نبلغ دار كرامته، أما بعد فأوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالي، فإن المتأمل وراء السبب الحقيقي للهجرة النبوية الشريفة يجد أن أهم الأسباب التي دعته صلي الله عليه وسلم إلي الهجرة هو موت زوجته السيدة خديجه رضي الله عنها وعمه أبو طالب حيث كان عمه أبو طالب يحميه من أذى قومه وكانت زوجته خديجة رضي الله عنها تؤنسه وتعينه واشتد أذى قومه له ولمن آمن به لما مات عمه أبو طالب وزوجه خديجة رضي الله عنها فإشتد حزنه وتطاول عليه المشركون. 




وقويت عليه الكربة وضاق به الحال فقيض الله تعالي له الأنصار من أهل المدينة والتقوا به في موسم الحج وآمنوا به وبايعوه على أن يمنعوه إذا قدم إليهم في المدينة مما يمنعون منه نساءهم وأولادهم ، وبعد البيعة أذِن الله له بالهجرة فهاجر صلي الله عليه وسلم إلى المدينة في شهر ربيع الأول بعد ثلاث عشرة سنة من بعثته وبصحبته أبو بكر الصديق رضي الله عنه فإستقبله الأنصار ومنعه الله تعالي بهم من أذى الكفرة والمشركين وأسس الدولة الإسلامية وما هي إلا أعوام قليلة حتى فتح الله تعالي له مكة فدخلها فاتحا منصورا تحيط به جيوش التوحيد وكتائب الإسلام ثم دانت له عرب الجزيرة وتوطد فيها حكم الإسلام وعُبد الله وحده لا شريك له، وهذه الحادثة العظيمة تمد المسلمين بالعبر والعظات والدروس والتوجيهات، وقد شاء الله تعالى أن تكون بأسباب مألوفة للبشر.





فقد تزود فيها النبي صلى الله عليه وسلم للسفر وركب الناقة واستأجر الدليل الخريت واتخذ صاحبا وتخفى وجعل عليا رضي الله عنه في فراشه ولو شاء الله لحمله على البراق ولكن ليكون قدوة لأمته من بعده في فعل الأسباب والأخذ بها مع التوكل على الله عز وجل، وإن حال المسلمين اليوم يوجب الإستفادة من معاني الهجرة النبوية، فلن يصلح حال المسلمين في هذا العصر إلا بما صلح به أولها، وإن من أهم دروس الهجرة هو أن المسلم مأمور بعبادة ربه كل وقت وحين ولو حيل بينه وبين ذلك في مكان إقامته وجب عليه الخروج إلى أرض الله الواسعة ليعبد ربه، وكما أن من دروس الهجرة هو الثقة بنصر الله ووعده عند الشدائد وكمال اليقين بمعية الله تعالى لعباده المؤمنين يقينا راسخا لا تزعزعه عواصف الباطل، ولا يزلزله إرعاد أهله ولا إبراقهم. 




ولا يهزه تهديدهم ولا وعيدهم ، فحين عظم الخطب وأحدق الخطر ببلوغ المشركين باب الغار الذي كان فيه النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه، فقال أبو بكر رضي الله عنه والله يا رسول الله ، لو أن أحدهم نظر إلى موضع قدميه لرآنا، فقال رسول الله " يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثما " وأي معية تعدل معية الله ؟ إنها الحصن الحصين من كل الغوائل، والعدة في كل شدة، والدرع الواقي من سهام البوائق والشرور، لكن هذه المعية الخاصة التي تكون بالتأييد والتوفيق والحفظ والمعونة والنصر إنما جعلها الله تعالى لأوليائه المتقين المحسنين الذين بذلوا حق الله عليهم في توحيده وإفراده بالعبادة وترك الإشراك به، ثم بإمتثال أوامره والانتهاء عما نهاهم عنه.

تعليقات