القائمة الرئيسية

الصفحات

هل ستظل أوربا معتمده اعتماد كلى على الغاز الروسى؟


تقرير هاله المغاورى فيينا 
أعلنت شركة "غازبروم"، أكبر منتج للغاز الطبيعي في روسيا، عن خططها لزيادة شحنات الغاز إلى أوروبا عبر أوكرانيا، لتصل إلى 42.1 مليون متر مكعب يوميًا، اعتبارًا من يوم السبت2024/9/7 . هذه الكمية تمثل زيادة ملحوظة مقارنة بالكميات التي تم تصديرها في الأيام القليلة الماضية، وفقًا لما ذكرته وكالة رويترز. هذا الإعلان يأتي بعد انخفاض في حجم الشحنات اليومية التي بلغت في أوائل أغسطس حوالي 37.3 مليون متر مكعب.
كانت أوروبا تعتمد بشكل كبير على الغاز الروسي قبل اندلاع الحرب في أوكرانيا عام 2022. إذ شكلت إمدادات الغاز الروسي حوالي ثلثي احتياجات أوروبا من الغاز الطبيعي، وكانت المانيا تعتمد وحدها على روسيا لتلبية أكثر من 50% من احتياجاتها من الغاز. كان هذا الاعتماد الضخم مرتبطًا بخطوط الأنابيب مثل "نورد ستريم 1"، الذي كان يُعد الشريان الرئيسي لتوريد الغاز الروسي إلى أوروبا عبر بحر البلطيق.
إلا أن الحرب في أوكرانيا أدت إلى تغيرات كبيرة في أسواق الطاقة، إذ توقفت تدفقات الغاز عبر خط "نورد ستريم 1" تدريجيًا حتى تم إغلاقه بالكامل في عام 2022، مما أدى إلى انقطاع إمدادات رئيسية لأوروبا.
ومع تصاعد الصراع الروسي الأوكراني، اتخذت أوروبا خطوات حثيثة لتقليل اعتمادها على الغاز الروسي، وذلك ضمن استراتيجية أوسع لتقليل تعرضها لتقلبات أسواق الطاقة التي قد تنتج عن النزاع أو العقوبات. في البداية، تم استثناء الغاز من العقوبات الاقتصادية المفروضة على روسيا، في الوقت الذي تم فيه استهداف النفط والفحم. لكن مع مرور الوقت، بدأت دول الاتحاد الأوروبي، وخاصة المانيا ، في محاولة لتقليل اعتمادها على الغاز الروسي.حيث كانت ألمانيا واحدة من أكبر المتضررين من نقص الإمدادات الروسية، نظرًا لاعتمادها الكبير على الغاز الروسي. وسارعت إلى البحث عن بدائل من خلال تنويع مصادر الطاقة، بما في ذلك الغاز الطبيعي المسال الذي يتم استيراده من دول أخرى مثل الولايات المتحدة.
وبرغم الجهود الكبيرة التي تبذلها دول الاتحاد الأوروبي لتقليل اعتمادها على الغاز الروسي، إلا أن بعض الدول، مثل النمسا، لا تزال تعتمد بشكل كبير على الإمدادات الروسية. حيث تعد النمسا واحدة من أكثر الدول الأوروبية تأثرًا بسبب اعتمادها الكبير على الغاز الروسي، مما يعرضها لمخاطر اقتصادية وجيوسياسية كبيرة نتيجة لاستمرار الحرب.
وعلى الرغم من تراجع الإمدادات، تظل روسيا لاعبًا رئيسيًا في سوق الغاز الأوروبي، حيث تسعى بعض الدول الأوروبية للحفاظ على حد أدنى من التعاون مع روسيا لضمان استقرار الإمدادات حتى تتمكن من إيجاد بدائل كافية.
إن مستقبل سوق الطاقة الأوروبي مرهون بقدرة دول الاتحاد الأوروبي على تنويع مصادر الطاقة وتعزيز الاعتماد على بدائل أكثر استدامة. فمع توقف "نورد ستريم 1" واستمرار النزاع الروسي الأوكراني، تواجه أوروبا تحديات كبيرة فيما يتعلق بأمن الطاقة. ورغم أن الدول الأوروبية تسعى للاستثمار في مشاريع الطاقة المتجددة وزيادة وارداتها من الغاز الطبيعي المسال، إلا أن هذه الخطوات تتطلب وقتًا وجهودًا كبيرة لتحقيقها.
وعلى المدى القريب، من المرجح أن تستمر بعض الدول الأوروبية في استيراد الغاز الروسي عبر أوكرانيا، مع السعي بشكل متوازٍ لتعزيز الشراكات مع دول أخرى تملك احتياطات من الغاز الطبيعي، مثل قطر والنرويج. إلا أن الاعتماد المستمر على الغاز الروسي يبقى مرهونًا بالظروف السياسية والعسكرية، التي قد تؤثر بشكل مباشر على استمرارية تدفق هذه الإمدادات.
وبالتالى فإن إعلان شركة "غازبروم" الأخير يعكس عن زيادة شحنات الغاز إلى أوروبا عبر أوكرانيا حقيقة أن الغاز الروسي لا يزال جزءًا لا يتجزأ من مزيج الطاقة الأوروبي. ومع ذلك، تظل التحديات كبيرة أمام دول الاتحاد الأوروبي التي تسعى إلى تحقيق أمن الطاقة وتقليل اعتمادها على روسيا. فمن الضروري أن تستمر الجهود في إيجاد بدائل مستدامة وموثوقة لضمان استقرار سوق الطاقة الأوروبي في ظل الظروف المتقلبة على الساحة الدولية.

تعليقات