ذات يوم وبينما كنت أسير متجهاً إلى عملي صباحاً فشاهدت رجلاً كبيراً يريد أن يعبر الشارع وقد بدت عليه علامات الارتباك فكان تارةً يتقدم وتارةً يرجع ، وقد أكتظ الشارع بالسيارات والدرجات الهوائية على إختلاف أنواعها وكانت الحيرة قد بدت على وجه ذلك الرجل العجوز فاقتربت منه وقلت له : لا تقلق يا حاج سأساعدك في عبور الطريق ففرح الرجل كثيراً وشكرني
وأرتسمت علامات السعادة على وجهه ، فأمسكت بيده وإننتظرنا قليلاً إلى أن أصبح بإمكاننا العبور إلى الطرف المقابل من الشارع فعبرنا الشارع بأمان وسلامة فأثنى الرجل على صنيعي هذا وقال لي : إنك شاب نبيل ومحترم وكرر شكره قائلاً : أكثر الله من أمثالك أيها الشاب الطيب فقلت له : لا شكر على واجب يا حاج ، فمن واجبي ومن واجب كل شاب أن يساعدك في عبور الشارع لأن مساعدة الآخرين واجب إنساني رائع وعلينا جميعاً أن نقوم به .
فكم كانت فرحتي كبيرة وعظيمة حين رأيت السعادة ترتسم على وجه ذلك الرجل المسن بعد أن ساعدته وعبر الشارع ، فأحسست بالفرح والسعادة تغمرني فجميعنا بحاجة للمساعدة وبحاجة إلى أن نجد من يقف بجانبنا إذا إحتجنا ذلك ، فجميعنا سوف نكبر ونصبح مسنين وسنكون بحاجة إلى من يساعدنا ويأخذ بيدنا في شتى أمور الحياة ومن يزرع الخير يحصد الخير فعلينا جميعاً أن نساعد كبار السن إذا طلبوا منا ذلك وحتى وإن لم يطلبوا فمساعدتهم واجب علينا ففي مساعدتهم كل الخير والبركة وحين نساعدهم نرى المجتمع متكافل ومتعاون تنتشر فيه السعادة والمحبة والخير العميم ونشعر بأن الدنيا مليئة بالأمان والناس الطيبين الذين لا يتخلوا عنا في كل مراحل حياتنا ، فشعورنا بعد أن نقدم المساعدة لمن يحتاجها شعور رائع عظيم لا يمكن وصفه، فلننعم جميعاً بهذا الشعور فلنسعى جاهدين لمساعدة كبار السن ورعايتهم ولنعلم أطفالنا مساعدة الكبار وإحترامهم سواء بقطع الشارع أو بإفساح المجال لهم بالجلوس في الحافلات إن كان باستطاعاتنا أن نجلسهم مكاننا فننشئ بذلك جيلاً متعاوناً ومتكافلاً يحترم الكبير ويعطف على الصغير فنشعر بالفرحة والسعادة والأمن والأمان فمساعدة الغير واجب علينا وهو واجب إنساني مقدس وعظيم.
كبار السن قومٌ غادر بهم القطار محطة اللذة، وصاروا في صالة
إنتظار الرحيل ، يعيشون بين ذكريات ماضٍ ولىّ ويزداد بُعداً وبين آمال مستقبل آتٍ وقد لايجىء ، هم الآن حاضرون وغداً سوف يذهبون وعما قليل ستكون أنت هذا الكبير المسن ، فانظر ما أنت صانع وما أنت زارع ...
كبار السن قد يرقدون ولكن لا ينامون ، وقد يضحكون ولكن لا يفرحون ، وقد يُخفون دمعتهم تحت بسمتهم ، فاجعلهم يعيشون أياماً سعيدة وليالٍ مشرقة ، ويختمون حياتهم بصفحات من الاطمئنان والرضا حتى إذا رحلوا لا تصبح أنت من النادمين.
كبار السن لديهم فراغ يحتاج إلى عُقلاء رُحماء يملؤونه ، فهم أحوج من أطفالنا إلى التدليل والاسترضاء والعاطفة والحنان والرفق والصبر على تجاوزاتهم والسهر والتضحية من أجلهم والإحساس بهم.
منقول وبتصرف
تعليقات
إرسال تعليق