القائمة الرئيسية

الصفحات

الدكروري يكتب عن أبو جهل يعاتب سراقة


بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمدلله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيى ويميت، وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين حق قدره ومقداره العظيم، أما بعد إن من الهجرة هو هجرة ما يُعبد من دون الله تعالي، ومنها هجرة العصاة، ومجانبة مخالطتهم، وهجرة الذنوب المعاصي، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه" متفق عليه، فهجران الشر والبعد عنه، وطلب الخير ومحبته، من حميد الأخلاق التي جاء محمد صلى الله عليه وسلم ليتمم مكارمها.



فيا أيها المسلمون، ما زلنا نعيش مع أحداث هجرة النبي المصطفي صلى الله عليه وسلم، وما أكثر الدروس والعبر التي ينبغي علينا أن نتوقف عندها في الهجرة المباركة، ولكن حسبنا في هذا اللقاء أن نعيش مع هذا المعنى العظيم من معاني الهجرة "لا تحزن إن الله معنا" فيا له من معنى متجدد ومتجسد في نفس كل مؤمن موحد بالله، كيف يحزن ومعه الله؟ ومن كان الله معه، فمعه كل شيء، من كان الله معه، فلن يضره من عليه، إذا كان الله عليك فلن ينفعك من كان معك، فكل هذه المعاني وغيرها تجول في نفس كل مؤمن صادق الإيمان وهو يسمع لا تحزن إن الله معنا، فيا أيها المسلمون ولقد كانت معية الله سبحانه وتعالى ملازمة لحبيبه المصطفى ونييه المجتبى صلي الله عليه وسلم على مدار رحلة الهجرة. 




بل لم تكن معيته سبحانه وتعالى قاصرة على رسوله، بل عمت أصحابه صلوات ربى وسلامه عليه، وهنا تلحظ الفرق الجلي بين أصحاب رسول الله، وأصحاب نبي الله موسى عليه السلام، حين تعرضوا لموقف مشابه مع فرعون، تجد وقد خص سيدنا موسى عليه السلام نفسه بمعية الله دونهم، وهذا موقف تجلت فيه معية على حبيبه المصطفى صلى الله عليه وسلم إنها قصة سراقة بن مالك حيث عُرف سراقة بن مالك رضي الله عنه في الجاهلية باقتصاص الأثر والفراسة، وهو ما يسمّى القيافة، فقد اشتهرت بنو كنانة وخاصة بنو مدلج فيهما، ومما يؤكد هذا أن أبا سفيان طلب منه أن يتبع أثر رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما خرج الرسول مهاجرا مع أبي بكر الصديق إلى المدينة المنورة.



ومن هنا فإن سراقة بن مالك رضي الله عنه كان ممن اتبع أثر الرسول صلى الله عليه وسلم قبل إسلامه، ولكن حين التقى بالرسول صلى الله عليه وسلم في ذلك اليوم حدث ما قد غيّر الأحداث أثناء ذلك وبعده، ويتضح ذلك في الحديث عن موقفه في الهجرة النبوية، فقد رصدت قريش جائزة ثمينة لمن يأتي لهم برسول الله صلي الله عليه وسلم وكاد سراقة بمقاييس الدنيا وبالمقاييس المادية أن يمسك برسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن هيهات هيهات ومعه الله، فكان كلما اقترب من رسول الله صلى الله عليه وسلم حيل بينه وبين رسول الله، فلا تعجب إنها معية الله، واترك الحديث هنا لسراقة نفسه ليحدث بما رأى وهو يخاطب أبا جهل، وإليكم نص الحوار بينه وبين أبى جهل.




حيث قال أبو جهل لسراقة بن مالك يوم عاد من بحثه عن الرسول صلى الله عليه وسلم بني مدلج إني أخاف سفيهكم سراقة يستغوي بنصر محمد عليكم به ألا يفرق شملكم فيصبح شتى بعد عز وسؤدد فأجاب سراقة بن مالك رضي الله عنه أبا جهل قائلا أبا حكم والله لو كنت شاهدا لأمر جوادي إذ تسوخ قوائمه، علمت ولم تشكك بأن محمدا رسول وبرهان فمن ذا يقاومه، عليك بكف القوم عنه فإنني أرى أمره يوما ستبدو معالمه، بأمر نودّ النصر فيه بأسرها بأن جميع الناس طرا تسالمه.

تعليقات