القائمة الرئيسية

الصفحات

الدكروري يكتب عن بناء المستقبل المشترك


بقلم / محمـــد الدكـــروري


الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، تعظيما لشأنه، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليما كثيرا ثم أما بعد إن السلام هو تحية المؤمنين فيما بينهم في الحياة الدنيا وتحيتهم في الجنة، وإن هذه التحية الكريمة تحمل معها الحب والاطمئنان، والسلامة والأمان، والدعوة إلى السلام المجتمعي والتعايش السلمي وكف يد الأذى عن الناس من سفك للدماء وسطو على الحقوق ولهذا كان من أسماء الله تعالى السلام، ومعناه الذي سلمت ذاته من العيب والنقصان، وسلمت أفعاله وصفاته من الشر والعبث، فسلم عباده من أن يظلمهم، وعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه و سلم قال " خلق الله آدم على صورته طوله ستون ذراعا. 




فلما خلقه قال اذهب فسلم على أولئك نفر من الملائكة جلوس فاستمع ما يحيونك فإنها تحيتك وتحية ذريتك، فقال السلام عليكم، فقالوا السلام عليك ورحمة الله فزادوه ورحمة الله " رواه البخاري ومسلم، وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن السلام اسم من أسماء الله وضعه في الأرض فأفشوه بينكم فإن الرجل إذا سلم على القوم فردوا عليه كان له عليهم فضل درجة لأنه ذكرهم، فإن لم يردوا عليه رد عليه من هو خير منهم وأطيب" وإن العالم كله اليوم يطمح إلى السلام الذي يلبي آمالهم وتطلعاتهم، ويجعلهم يعيشون حياة هانئة وكريمة دون خوف من ويلات الحروب، وكان سعي شعوب العالم دءوبا جدا من أجل الوصول إلى هذه الغاية العظيمة والجليلة والتي عززتها الديانات السماوية التي دعت جميعها إلى المحبة، والرحمة، والسلام.




والتآخي، وبناء المستقبل المشترك بين كافة شعوب الكرة الأرضية، فالسلام اسم من أسماء الله الحسنى، والسلام هو تحية المسلمين، ودعوة الأنبياء عليهم السلام جميعا، والسلام هو ما نتعبد به الله تعالى في صلواتنا، فالصلاة تختتم بالسلام، وكأنها وصية السماء إلى الأرض قبل الانقطاع المؤقّت والعودة ثانية إلى مشاغل الحياة الدنيا، ولا يمكن أبدا إغفال الدور الذي يمكن للسلام والتصالح، والمودة، والرحمة ولها أهميتها في حياتنا اليومية، فنحن خُلقنا لنعيش في سلام وأمان واطمئنان، ولم نُخلق لنقتل أو تقصف أعمارنا، وما يمكن تحقيقه في أوقات السلام أضعاف ما يمكن تحقيقه في النزاعات الدموية والحروب والكوارث البشرية، وإن من خلال السلام يمكن للإنسان نشر فكرته التي من الممكن أن تكون قد تم وأدها خلال الحروب، أو على الأقل تم تشويهها. 




لهذا نجد أن رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم وعلى الرغم من صعوبة شروط التي اشترطها الكفار على المسلمين في صلح الحديبية إلا أنه قبل بها في مقابل الإبقاء على هدنة العشر سنوات، ومن خلال السلام يمكن للناس التعلم، ونشر الثقافة، وبناء المجتمعات، والنهوض اقتصاديا واجتماعيا، فالحروب تدمر ولا تبني، البناء لا يكون إلا في أوقات السلم، والسلام يجعل الناس واعين ومدركين لمغبة الدخول في الحروب والتي ستكلفهم حياتهم مقابل هذه الغطرسة البشرية، والسلام هو الذي يقطع الطريق على تجار الحروب الذين يفتعلون الحروب، ويرغبون في استمرارها لأجل زيادة مبيعاتهم من الأسلحة، وبالتالي زيادة أرباحهم وأموالهم، وإن الحروب تخرج أسوأ ما في الإنسان، والسلام يخرج أحسن وأفضل ما فيه، وإن السلام بيئة مناسبة لزيادة الإبداع، فهو الذي يمكن من خلاله زيادة منسوب الجمال على عكس الحرب الذي ينتج كل تعرف ما هو قميء وكريه.

تعليقات