القائمة الرئيسية

الصفحات

الدكروري يكتب عن أرقي المعاملات الإسلامية


بقلم / محمـــد الدكـــروري


الحمد لله أحاط بكل شيء خبرا، وجعل لكل شيء قدرا، وأسبغ على الخلائق من حفظه سترا، أحمده سبحانه وأشكره وأتوب إليه وأستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله، أرسله إلى الناس كافة عذرا ونذرا صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحبه، أخلد الله لهم ذكرا وأعظم لهم أجرا، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلي يوم الدين ثم أما بعد لقد حثنا الإسلام علي جبر الخواطر وإن جبر الخواطر هو رفع همه الشخص أو تهوين مصيبته والأخذ بيديه حتي يمر بمصيبته، ورفع همه الشخص قد تكون بالنصيحة أو الإبتسامة أو الصدقة، وجبر الخواطر من المعاملات الإسلامية التي يجب أن يتحلى بها كل مسلم وكل شخص عموما بعيد عن ديانته. 




ومن يعمل علي جبر الخواطر فهو بالتأكيد شخص شهم ومعدنة أصيل، وقد أجمع اللغويون على أن الخاطر هو القلب، وعدم كسره خلق عظيم، ولو تحققنا فسوف نجد أن أغلب أحكام ديننا قائمة على جبر الخواطر، فنحن نقدم واجب العزاء لجبر خاطر أهل المتوفي، ونزور المريض لجبر خاطره، وندفع دية الميت لجبر خاطر أهله حتى السلام والإبتسامة، وفي ديننا الحنيف أمثلة رائعة لجبر الخواطر، ومراعاة المشاعر، ففي قوله تعالى في سورة يوسف" فلما ذهبوا به وأجمعوا أن يجعلوه في غيابت الجب وأوحينا إليه لتنبئنهم بأمرهم هذا وهم لا يشعرون " فهذا جبر لخاطر نبي الله يوسف عليه السلام، وتثبيت له في هذا الموقف، الذي ظلم فيه من أقرب الناس إليه بغير ذنب اقترفه. 




وقال شيخ الإسلام ابن كثير رحمه الله يقول تعالى ذاكرا لطفه ورحمته وعائدته، وإنزاله اليسر في حال العسر إنه أوحى إلى يوسف في ذلك الحال الضيق، تطييبا لقلبه، وتثبيتا له إنك لا تحزن مما أنت فيه، فإن لك من ذلك فرجا ومخرجا حسنا، وسينصرك الله عليهم، ويعليك ويرفع درجتك، وستخبرهم بما فعلوا معك من هذا الصنيع، وقال السعدي رحمه الله ففيه بشارة له، بأنه سينجو مما وقع فيه، وأن الله سيجمعه بأهله وإخوته على وجه العز والتمكين له في الأرض، وكما أمر الله تعالى بجبر خواطر أولي القربى واليتامى والمساكين إذا حضروا قسمة الميراث، بأن يُعطوا شيئا منه ويتلطف معهم في الكلام، فقال تعالى كما جاء في سورة النساء " وإذا حضر القسمة أولو القربي واليتامي والمساكين فارزقوهم منه وقولوا لهم قولا معروفا " 




وقال السعدي رحمه الله في قوله تعالي " فترزقوهم منه " أي أعطوهم ما تيسر من هذا المال الذي جاءكم بغير كد ولا تعب، ولا عناء، ولا نصب، فإن نفوسهم متشوفة إليه، وقلوبهم متطلعة، فاجبروا خواطرهم بما لا يضركم، وهو نافعه، ويؤخذ من المعنى أن كل من له تطلع وتشوف إلى ما حضر بين يدي الإنسان، ينبغي له أن يعطيه منه ما تيسر كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول "إذا جاء أحدكم خادمه بطعامه، فليجلسه معه، فإن لم يجلسه معه، فليناوله لقمة أو لقمتين" أو كما قال فإن لم يمكن ذلك لكونه حق سفهاء، أو ثم أهم من ذلك فليقولوا لهم " قولا معروفا " ويردونهم ردا جميلا، بقول حسن غير فاحش ولا قبيح.

تعليقات