القائمة الرئيسية

الصفحات

حكاية امرأة تكتب ملحمة الصمود والتضحية


وسط ظلام الليل، تهمس أنفاسها المتقطعة بألمٍ لا يُحتمل. في زاوية غرفة صغيرة، تجلس امرأة، تغمرها ظلال الألم النفسي والجسدي. عيناها تغرقان في بحر من الدموع الصامتة، تروي قصة قلبٍ متعب وروحٍ مكسورة. كل جرحٍ في جسدها يهمس بحكايةٍ من المعاناة، كل ندبةٍ تحمل في طياتها سنوات من الألم الذي لا ينتهي.

تتذكر أيام طفولتها، حيث كانت تلهو بين الحقول الخضراء، تضحك بصوت عالٍ، تملأ السماء بفرحها البريء. كانت تلك الضحكات تختفي تدريجياً مع كل خيبة أمل، كل ضربةٍ، وكل ليلةٍ باردة تمر دون أن تشعر بدفء الأمان. 

في كل ليلة، كانت تنام على فراشٍ بارد، يرافقها صدى صرخات الماضي. تضحياتها لم تكن تعرف حدودًا؛ فقد كانت تسعى دائمًا لرؤية الابتسامة على وجوه أحبائها، حتى وإن كان الثمن قلبها وروحها. كانت تتألم بصمت، تحرقها نيران الوجع الداخلي، لكنها كانت ترفض أن يرى أحد ضعفها.

في لحظةٍ من لحظات الليل، تقف أمام مرآة قديمة، تراقب وجهها الذي خطت عليه السنين علامات الألم. تهمس لنفسها: "سأظل قوية، من أجلهم". تدرك أن حياتها ليست ملكًا لها وحدها، بل هي ملك لأولئك الذين يعتمدون عليها. 

في صباح يومٍ شتوي، بينما تسير وسط الرياح العاتية، تلمح طفلها يبكي من البرد. تخلع معطفها الوحيد وتلفه حوله، بينما تحتضنه بقوة. شعرت ببرودة الموت تقترب، لكن قلبها ظل ينبض بحبٍ لا ينضب، بروحٍ لا تعرف الاستسلام.

وفي آخر لحظات حياتها، عندما بدأت قواها تخونها، شعرت براحةٍ غريبة. كانت تعلم أن رحيلها ليس إلا فصلًا جديدًا في قصة تضحياتها. كانت قد أهدت حياتها لمن تحب، وبذلك، وجدت الخلاص في التضحية. 

تركها العالم بجسدٍ بارد، لكن روحها بقيت مشتعلة بحرارة الحب، عالقة في قلوب من أحبتهم، لتكون لهم نورًا في ظلام الليالي القادمة. كان موتها شهادة على قوة الحب والتضحية، دليلًا على أن الألم قد يحطم الجسد، لكنه يعجز عن كسر الروح.

بقلم : إدريس أبورزق / المغرب

تعليقات