القائمة الرئيسية

الصفحات


في سكون الليل عندما تنام العيون وتستريح الأنفاس كانت تجلس على حافة سريرها، متشابكة الأيدي كمن يلتمس دفء حب مفقود كانت حياتها مسرحية من الأحلام المحطمة، قصيدة من الألم المكتوم بين الجدران الصامتة. لم يكن الحب هو الذي خانها، بل الزمن، والأقدار التي نثرت حروفها في صفحات لم تكن تعلم أنها ستصبح يوماً ما نهاية حزينة.

عندما قابلت ذاك الرجل كانت كالزهرة التي وجدت نفسها فجأة في بستان جديد يشع بالنور والحياة. كانت تبتسم، تضحك، وتنسى للحظات أنها مجرد سجينة في قفص زواج لا يرحم، قفص خال من الحب مليء بالواجبات والالتزامات التي تلتف حول عنقها كحبل مشنقة.

لكن المجتمع لم يرحم كالنار تحت الرماد، كانت نظرات الناس تلاحقها، تقتلع منها فرحتها الصغيرة، وتزرع بدلاً منها أشواك الندم. كانت تشعر بثقل الكلمة الجارحة، بالنظرة القاسية بالحكم الصامت الذي يصدره الجميع دون أن يسمعوا قصتها، دون أن يعرفوا كم كانت بحاجة للحب للتقدير، للحنان.

كل ليلة كانت تتأمل نفسها في المرآة، ترى في عينيها دموعاً تتراكم تكاد تنفجر. كانت تشعر أنها تعيش بين عالمين عالم الواجب والذنب وعالم الحب والفرار. لم يكن هناك مخرج لم يكن هناك أمل. كانت تجلس على حافة هاوية، تتأرجح بين الرغبة في الحياة والرغبة في الهروب.

وفي يوم من الأيام، قررت أن ترحل. لم تعد تقوى على مواجهة الألم، لم تعد تستطيع تحمل السلاسل التي تقيد روحها. وقفت على حافة الجسر، نظرت إلى المياه المتلاطمة تحتها وشعرت بحرية لم تعرفها من قبل بكت ولكنها كانت دموع التحرر، دموع الفراق الأخير.

قفزت وعانقت المياه الباردة كمن يعانق صديقاً قديماً. انتهى الألم، انتهت الأحلام المحطمة، لكن بقيت قصتها تتردد في الأرجاء كصرخة مكسورة، كأغنية حزينة يعزفها الريح في ليالي الشتاء.

هكذا، تنتهي قصة المرأة التي أحبت، ولكنها دفعت الثمن بحياتها. قصتها تذكير لنا جميعاً بأن الحب ليس جريمة، وأن القلوب لا تختار أين تجد الراحة. لكن المجتمع، بجموده وقسوته، قد يكون السكين الذي ينهش في الأرواح البريئة يدفعها نحو النهاية، نحو الظلام الذي لا عودة منه.

بقلم : إدريس أبورزق / المغرب

تعليقات