في زاوية مظلمة من قلبها، تجلس وحدها، تغمرها أمواج من الألم لا تنتهي. تلتف حولها أصوات الاتهام كالسهام السامة، تخترق روحها دون رحمة. تشعر بثقل النظرات المشتعلة بالشك، وكأنها ألسنة نيران تحرقها بلا هوادة. كل كلمة تشكك في شرفها كانت صفعة على وجهها، وكل همسة كانت خنجرًا يطعنها في صدرها.
تستعيد في ذاكرتها لحظات الطفولة، حين كانت تركض في الحقول الواسعة بلا خوف، وحين كان العالم مليئًا بالألوان والضحكات. لكن اليوم، أصبحت الألوان باهتة والضحكات بعيدة. صدى الاتهامات يعلو فوق كل شيء، يكبلها بحبال غير مرئية، تسحبها نحو هاوية لا قرار لها.
تتذكر وجه والدها الذي انطفأ بريقه، وعيني والدتها التي لم تعد تحمل إلا دموع الألم. تخشى أن تنظر في عيون إخوتها، خوفًا من أن ترى فيهم خيبة الأمل أو الحزن. تحاول أن تصرخ، أن تدافع عن نفسها، لكن صوتها يخونها، والكلمات تتلاشى قبل أن تصل إلى شفتيها.
ولكن أشد ما يمزق قلبها هو شعورها بأن الاتهامات تأتي من أقرب الناس إليها. أولئك الذين كانت تعتبرهم حصنها الآمن، وسندها في الأوقات العصيبة. ترى في عيونهم الشك والحيرة، وكأنها لم تكن يومًا جزءًا منهم، وكأنها أصبحت غريبة في بيتها. هذا الشعور بالخيانة من أقربائها يجعل الجرح أعمق والألم أشد، فتشعر بأنها محاصرة في دوامة لا نهاية لها، حيث لا مكان للاختباء ولا ملجأ للأمان.
في الليل، حين يخيم السكون، تنهمر دموعها كالسيل الجارف. تختبئ تحت الغطاء، محاولة أن تخفي بكاءها عن العالم. تشعر وكأنها غارقة في بحر من الحزن، لا ترى له نهاية. تتمنى لو كان بإمكانها أن تمسح كل الاتهامات، أن تعيد الزمن إلى الوراء، أن تعود إلى تلك الأيام البريئة.
في قلبها، تحترق نار الظلم. تتساءل كيف يمكن للناس أن يكونوا قساة هكذا، كيف يمكن للكلمات أن تكون مدمرة بهذا الشكل. تشعر بأن روحها تذوب ببطء، كشمعة تلتهمها النيران. كل يوم يمر، وكل ليلة تأتي، تزيد من معاناتها، تحفر في قلبها جروحًا جديدة.
لكنها، رغم كل شيء، تعرف أن الحقيقة لن تموت. تأمل أن يأتي يوم يشرق فيه نور العدالة، أن يظهر فيه الحق، وينجلي فيه الباطل. تتشبث بهذا الأمل، رغم هشاشته، لأنه الوحيد الذي يبقيها على قيد الحياة.
في عالم مليء بالظلم، تبقى صامدة، تحمل في قلبها جروحًا لا تندمل، لكن بروح لا تستسلم.
تعليقات
إرسال تعليق