القائمة الرئيسية

الصفحات

مشاهد من حياة امرأة مقهورة


في زوايا غرفة مظلمة، حيث يخترق الضوء بصعوبة عبر نوافذ مكسورة، تجلس امرأة بصمت يلفه الحزن. وجهها يحمل آثار معاناة لا تُرى ولكن تُشعر بها كأنها جروح مفتوحة. ينعكس الألم في عينيها كما لو أنهما مرآة لروحها المنكسرة.

كانت تنظر إلى صورة قديمة تحملها بيدين مرتجفتين، صورة لزمان لم تعد تتذكر ملامحه بوضوح، ولكنها تحمل بقايا أمل كاد أن يزول. تجلس وحيدة بعد أن خذلها الجميع، تُقلب ذكرياتها بحثاً عن لحظة سعادة لم تستطع أن تتشبث بها.

كل ما حولها يذكرها بالخيبات: جدران تشهد على ليالٍ طويلة من البكاء، كراسي خالية تحمل صدى أحاديث لم يعد لها صوت، أشياء بسيطة تتكدس في زوايا الغرفة كأنها رموز لأحلام متلاشية. كانت تلك الأحلام تشرق في عينيها يوماً، لكنها الآن تتلاشى مثل ضوء شمعة في عاصفة.
عاطفياً، كانت مثل زهرة ذابلة تُركت لتجف في صحراء قاحلة. حبها الوحيد خانها وترَكها تواجه ليلها الموحش دون نجمة تضيء سماءها. قلبها محطم، مثل مرآة تكسرت إلى ألف قطعة، لا يمكن أن تُجمع أو تُصلح.

من الناحية المادية، كانت مفلسة تماماً. جيوبها فارغة مثل حياتها، تشعر أن الحياة سرقتها، أخذت كل شيء وتركَتها دون شيء. كل يوم كان يشبه سابقه، تكافح من أجل البقاء، ولكن بلا جدوى. الفقر ليس مجرد حالة مادية، بل هو قيد يشد خناقها، يحبس أنفاسها ويزيد من معاناتها.

كانت تستيقظ كل صباح وتأمل أن ينتهي هذا الكابوس، أن تستفيق على واقع مختلف، ولكن ذلك لم يحدث أبداً. كانت الحياة بالنسبة لها سلسلة من المحن التي لم تترك لها فرصة لالتقاط أنفاسها. وفي قلبها كان شعور واحد يسيطر: القهر.

كانت تلك المرأة تعيش في عالم لا يراها، عالم يمر بجانبها دون أن يتوقف لحظة ليشعر بمعاناتها. ولكن داخلها، كانت تنزف بصمت، تحمل في قلبها ثقلاً لا يمكن لأحد أن يفهمه. كانت تنتظر معجزة، لكن الأيام تمضي، والمعجزات لا تأتي.

ربما كانت تبحث عن سبب للاستمرار، ولكنها لم تجد سوى ظلال من الألم والأمل الضائع. كل ما بقي لها هو دموعها، التي تنهمر كالمطر في ليالي الشتاء الطويلة، تعكس روحاً محطمة، تبحث عن ضوء في نفق طويل ومظلم.

بقلم : إدريس أبورزق / المغرب

تعليقات