القائمة الرئيسية

الصفحات

الدكروري يكتب عن عقوبة مضيع الزكاة


بقلم / محمـــد الدكـــروري


إن الحمد لله، نحمده ونستغفره ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلّ له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، بعثه الله رحمة للعالمين هاديا ومبشرا ونذيرا، بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة فجزاه الله خير ما جزى نبيا من أنبيائه، فصلوات ربي وتسليماته عليه وعلى جميع الأنبياء والمرسلين، وعلى صحابته وآل بيته، وعلى من أحبهم إلى يوم الدين أما بعد، روي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي حقها إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار فأحمي عليها في نار جهنم فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره كلما بردت أعيدت في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، 





حتى يقضى بين العباد، فيرى سبيله، إما إلى الجنة وإما إلى النار " رواه مسلم، وللزكاة فوائد دينية وخلقية وإجتماعية كثيرة، فمن فوائدها الدينية أنها قيام بركن من أركان الإسلام الذي عليه مدار سعادة العبد في دنياه وأخراه، وأنها تقرب العبد إلى ربه وتزيد في إيمانه شأنها في ذلك شأن جميع الطاعات، وما يترتب على أدائها من الأجر العظيم، حيث قال الله تعالى كما جاء في سورة البقرة " يمحق الله الربا ويربي الصدقات" وكما قال تعالى في سورة الروم " وما ءاتيتم من ربا ليربوا في أموال الناس فلا يربوا عند الله وما ءاتيتم من زكاة تريدون وجه الله فأولئك هم المضعفون" وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من تصدق بعدل تمرة أي ما يعادل تمرة من كسب طيب ولا يقبل الله إلا الطيب فإن الله يأخذها بيمينه ثم يربيها لصاحبه كما يربي أحدكم فلوه، 




حتى تكون مثل الجبل " رواه البخاري ومسلم، وأن الله يمحو بها الخطايا كما قال النبي صلى الله عليه وسلم " والصدقة تطفىء الخطيئة كما يطفىء الماء النار " والمراد بالصدقة هنا هو الزكاة وصدقة التطوع جميعا، وكما أن من فوائدها الخلقية أنها تلحق المزكي بركب الكرماء ذوي السماحة والسخاء، وأن الزكاة تستوجب إتصاف المزكي بالرحمة والعطف على إخوانه المعدمين والراحمون يرحمهم الله، وأنه من المشاهد أن بذل النفس المالي والبدني للمسلمين يشرح الصدر ويبسط النفس ويوجب أن يكون الإنسان محبوبا بحسب ما يبذل من النفع لإخوانه، وكما إن في الزكاة تطهيرا لأخلاق باذلها من البخل والشح كما قال تعالى في سورة التوبة " خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها" 





وكما أن من فوائدها الاجتماعية أن فيها دفعا لحاجة الفقراء الذين هم السواد الأعظم في غالب البلاد، وأن في الزكاة تقوية للمسلمين ورفعا من شأنهم ولذلك كان أحد جهات الزكاة الجهاد في سبيل الله عز وجل، وأن فيها إزالة للأحقاد والضغائن التي تكون في صدور الفقراء والمعوزين فإن الفقراء إذا رأوا تمتع الأغنياء بالأموال وعدم إنتفاعهم بشيء منها، لا بقليل ولا بكثير، فربما يحملون عداوة وحقدا على الأغنياء حيث لم يراعوا لهم حقوقا، ولم يدفعوا لهم حاجة فإذا صرف الأغنياء لهم شيئا من أموالهم على رأس كل حول زالت هذه الأمور وحصلت المودة والوئام، وأن فيها تنمية للأموال وتكثيرا لبركتها، 




كما جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " ما نقصت صدقة من مال " أي إن نقصت الصدقة المال عدديا فإنها لن تنقصه بركة وزيادة في المستقبل بل يخلف الله بدلها ويبارك له في ماله، وأن له فيها توسعة وبسطا للأموال فإن الأموال إذا صرف منها شيء اتسعت دائرتها وانتفع بها كثير من الناس بخلاف إذا كانت دولة بين الأغنياء لا يحصل الفقراء على شيء منها، فهذه الفوائد كلها في الزكاة تدل على أن الزكاة أمر ضروري لإصلاح الفرد والمجتمع.

تعليقات