بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه سبحانه وأشهد أن نبينا محمدا عبد الله ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وإخوانه أما بعد، لقد أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الله تعالى يباهي بأهل الموقف عشية عرفة ملائكته، ويقول ما أراد هؤلاء؟ ويقول انصرفوا مغفورا لكم، وما رؤي أكثر عتقا من النار من يوم عرفة، وكم في السنة الصحيحة من حديث فيه التنويه بشأن الحج والعمرة، وبيان كرم الله تعالى لمن أتمهما خالصين لوجهه الكريم، وجمع فيها بين البر، وترك الوزر، فما أكرم العطايا، وما أجل الهبات، وإن تاج هذه الأيام يوم النحر، وهو يوم الحج الأكبر للحجاج، ويوم العيد والأضاحي لأهل الأمصار، حيث يؤدي الحاج أعمال الحج الكبار.
مثل رمي جمرة العقبة، والنحر، والحلق أو التقصير، والطواف بالبيت، ويؤدي فيه المسلمون في الأمصار صلاة العيد، ويذبحون الضحايا، فيشتركون في النسك والذكر وينفرد كل صنف فيما يخصه، وما عمل آدمي عملا أحب إلى الله من إراقة دم، فاستعظموا الهدي والأضاحي، واستسمنوها واتقوا ما فيه نقص، فاستشرفوا القرن والعين والأذن، وطيبوا بها نفسا، واعلموا أن أفضلها أغلاها عند أهلها وأكثرها ثمنا، واغتنموا مواسم الطاعات، فاستبقوا الخيرات، وتنافسوا في جليل القربات، وبادروا بالتوبة من الخطيئات قبل الممات، فإن الفرص عارضة وإن النعم عارية، وإن باب التوبة مفتوح، وإن الله تعالى يحب التوبة النصوح، وإن الله تعالى قد ضمن السبق للمتسابقين، وإن العمل لغير الله لا يدوم، وإن الشيء بغير الله لا يكون، فاتقوا الله وكونوا مع الصادقين.
فأن لهذه الأيام المبارك فضائل ليست لغيرها من سائر الأيام، حيث فضلها رب الأنام ونبينا الهمام صلى الله عليه وسلم، وهكذا هى فضيلة هذه العشر جاءت من عدة أمور، ومنها أن الله تعالى أقسم بها، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم شهد أنها أفضل أيام الدنيا، كما تقدم، وأن فيها يوم عرفة ويوم النحر، وأن فيها الأضحية والحج، وقال ابن حجر رحمه الله "والذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة لمكان اجتماع أمهات العبادة فيها، وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج، ولا يأتي ذلك في غيره" وإن من وظائف عشر ذي الحجة، هو الصيام، حيث يسن للمسلم أن يصوم تسع ذي الحجة، وكذلك التكبيرحيث يسن التكبير والتحميد والتهليل والتسبيح أيام العشر، وإظهار ذلك في المساجد والمنازل والطرقات، وأن يجهر به الرجل، وتسر به المرأة.
وإن التكبير سنة مهجورة وفي الحديث "من أحيا سنة من سنتي قد أميتت بعدي، فإن له من الأجر مثل من عمل بها، من غير أن ينقص من أجورهم شيئا" وكذلك أداء العمرة والحج لقوله صلى الله عليه وسلم "الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة" وكما ينبغي المسارعة إلى الحج قبل وقوع عائق أو نحوه، لقوله صلى الله عليه وسلم "تعجلوا إلى الحج فإن أحدكم لا يدري ما يعرض له" وحديث "من أراد الحج فليستعجل فإنه قد يمرض المريض، وتضل الضالة، وتعرض الحاجة" وقال عمر رضي الله عنه "لقد هممت أن أبعث رجالا إلى الأمصار، فينظروا كل من كانت له جدة فلم يحج، فيضربوا عليه الجزية ما هم بمسلمين، ما هم بمسلمين" وذلك لأن للحج فضائل كثيرة، منها أنه يهدم ما كان قبله كما في سؤال عمرو بن العاص رضي الله عنه، للنبي صلى الله عليه وسلم لما أراد أن يبايعه.
تعليقات
إرسال تعليق