بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الخميس الموافق 2 مايو 2024
الحمد لله أحاط بكل شيء خبرا، وجعل لكل شيء قدرا، وأسبغ على الخلائق من حفظه سترا، أحمده سبحانه وأشكره وأتوب إليه وأستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله، أرسله إلى الناس كافة عذرا ونذرا، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحبه، أخلد الله لهم ذكرا وأعظم لهم أجرا، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلي يوم الدين ثم اما بعد، إن من المقاصد الإسلامية العظيمة التي جاء الاسلام بها ويجب أن يتعلمها كل مسلم ومسلمة وهي نعمة الأمن وما غاب الأمن إلا أدي إلي تفشي الهوي والجهل وكثرة الشبهات وعدم الفهم الجيد والصحيح لمقاصد الشريعة واستنباط الأحكام حتي وإن كان متعلما، وتسبب ذلك في ظهور الفتن والهرج والقتل دون مراعاة لهذه المقاصد.
ومن أجل ذلك فكل عمل تخريبي يستهدف الآمنين يعتبر مخالفة شرعية والتي جاءت بعصمة الدماء سواء المسلم أو المعاهد أو أهل الذمة، فأهمية الأمن المجتمعي قد تجاوزت الحقوق لتجعله فريضة إلهية وواجبا شرعيا وضرورة من ضرورات استقامة العمران الانساني وإقامة مقومات الحياة الأساسية لاقامة الدين، فيترتب علي صلاح الدنيا بالأمن، وصلاح الدين وليس العكس كما يدعي الكثيرون، فالأمن هو طمأنينة النفس وزوال الخوف، ويكون الأمن في مقابلة خوف العدو بخصوصه، والأمن يتعلق بالمستقبل، والأمن نعمة عظيمة، بل يكاد يكون من أعظم النعم لأن مقتضاه الأمن النفسي والطمأنينة والسكينة التي يستشعرها الإنسان، فيزول عنه هاجس الخوف، ويحس بالرضا والسعادة، والشعور بالأمن غاية في الأهمية، ومن ثم فقد جعله الله عز وجل نعمة جليلة.
يتفضل بها على بعض خلقه، وجعل فقد هذا الأمن نقمة ينتقم الله بها من بعض خلقه العاصين أو الكافرين، ولكون الأمن ضروريا للحياة، قرنه الله بالطعام والأموال والأولاد في أكثر من موضع، بل قدمه عليها في مثل قوله تعالى فى سورة البقرة " ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين" فتأمل كيف بدأ بضد الأمن وهو الخوف ؟ لأن الحياة بدون أمن وأمان قاسية مرة، بل شديدة المرارة، لا يمكن أن تطاق، ولقد امتن الله على قريش قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم بأن هيأ لهم الأمن، وامتن عليهم به وخاصة بعد حادثة الفيل، حيث نصر الله قريشا على النصارى أبرهة الحبشى وأصحابه ولكن لا بيد قريش لأنهم كانوا يعبدون الأصنام، وإنما بنصر من عنده تعالى لا يد لقريش فيه.
فقال تعالى " ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل، ألم يجعل كيدهم في تضليل، وأرسل عليهم طيرا أبابيل، ترميهم بحجارة من سجيل، فجعلهم كعصف مأكول" فعاشت قريش بعد هذا آمنة، لا ينالها أحد بسوء، بل كان الناس من حولها يتخطفون بالحرب والنهب والخوف والقلق، وهي آمنة عند الكعبة، بل تعدى الأمن إلى قوافلها التجارية في رحلة الشتاء والصيف، فكانت تسير آمنة لا يعرض لها أحد بسوء لأنها تجارة قريش أهل البلد الأمين، فاللهم اهدنا لصالح الأعمال لا يهدي لصالحها إلا أنت، اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها مردنا، واجعل الحياة زاداً لنا من كل خير، واجعل الموت راحة لنا من كل شر، مولانا رب العالمين.
تعليقات
إرسال تعليق