بقلم: ايمان مزريقي
انعقدت بدار الثقافة أحمد خير الدين باب العسل ندوة هامة بعنوان "أزمة المناخ والتراث: الأزمة والحلول التشريعية الممكنة"، وذلك بمشاركة نخبة من الخبراء والباحثين والناشطين في مجال البيئة والتراث، وقد هدفت الندوة إلى تسليط الضوء على التهديد المتزايد الذي يشكله التغير المناخي على تراثنا الثقافي والطبيعي، والبحث عن حلول تشريعية فعالة لحمايته.
هذا وجاءت الندوة ثمرة تعاون بين دار الثقافة أحمد خير الدين باب العسل، وجمعية النساء العربيات المتخصصات، والغرفة الفتية العالمية البلفدير، في بادرة تعكس الوعي المتزايد بأهمية تضافر الجهود لمواجهة التحديات البيئية التي تهدد تراثنا وهويتنا.
لتنطلق بتحية العلمين التونسي و الفلسطيني تعبيرا على التضامن والأخوة والوحدة بين الشعبين، و مؤكدا على دعم تونس الثابت للقضية الفلسطينية العادلة، وتم ذلك بحضور السيدة رقية العلي ممثلة سفارة فلسطين و من ثمة انطلقت فعاليات تظاهرة LÉGI'PAT الفنية بمعارض ساحرة تحاكي أصالتنا برؤى متطورة، من خلال أعمال فنانات مبدعات: أسماء رحيم، رجاء مالكي، نرجس الخراط، وسنية الشواشي.
لتنقسم بعد ذلك التظاهرة إلى جلستين، تناولت الأولى تشخيص واقع تأثير التغير المناخي على التراث بمختلف أشكاله. قدم الخبراء مداخلات قيمة، حيث تناول فوزي شكري (خبير دولة في التنمية المستدامة والتغيرات المناخية والطاقات المتجددة) مدخلا عاما حول أزمة المناخ وتأثيراتها المتعددة، ثم تطرقت دبية العبيدي (باحثة وأستاذة جامعية مختصة في الآثار والفنون الإسلامية) إلى تأثير تغير المناخ على التراث المادي، من تآكل المباني التاريخية وتدهور المواقع الأثرية، كما تطرقت د. فتحية رجب (أستاذة وباحثة في الجيومورفولوجيا والبيئة) إلى تأثير تغير المناخ على التراث اللامادي، من خلال تأثيره على الممارسات الثقافية التقليدية والمعارف المرتبطة بالبيئة. وأخيراًط، سلط عبد المجيد الدبار (ناشط بيئي) الضوء على تأثير التغير المناخي على التراث الطبيعي، من خلال تدهور النظم البيئية وفقدان التنوع البيولوجي.
أما الجلسة الثانية فقد ركزت على الحلول التشريعية الممكنة للحد من مخاطر التغير المناخي على التراث، اذ قدم فوزي شكري استعراضا لخارطة طريق للتكيف مع التغيرات المناخية والحد من آثارها السلبية على التراث، كما تم تقديم قراءة نقدية للتشريعات الخاصة بالتراث الثقافي في ظل التغيرات المناخية، وتناول ظافر الصغيري (نائب بالبرلمان مقرر لجنة التشريع العام بالبرلمان) التشريعات الخاصة بالتراث الطبيعي لمواجهة التغيرات المناخية.
ولم تغفل الندوة دور المجتمع المدني والسلطات المحلية في حماية التراث، فقد استعرض محمد علي الخياري (القائد العام للكشافة التونسية) دور المنظمات الوطنية، مثل الكشافة التونسية، في الحد من مخاطر التغير المناخي، كما تناول كل من نورة الشبراك (عضو لجنة التخطيط الاستراتيجي والتنمية المستدامة والنقل والبنية التحتية والتهيئة العمرانية بالبرلمان) و طارق الربعي (مقرر لجنة العلاقات الخارجية والتعاون الدولي وشؤون التونسيين بالخارج والهجرة بالبرلمان) دور البلديات في حماية التراث المعماري والعمراني من هذه المخاطر.
لتختتم الندوة بنداء عاجل إلى تكاتف الجهود من قبل جميع الأطراف، الحكومية والمدنية، لوضع وتنفيذ استراتيجيات فعالة لحماية التراث من التهديدات المتزايدة للتغير المناخي، فالتراث ليس مجرد حجارة وأخشاب، بل هو هويتنا وتاريخنا وذاكرتنا الجماعية، ويجب علينا جميعاً تحمل مسؤولية حمايته للأجيال القادمة.
ايمان مزريقي
تعليقات
إرسال تعليق