القائمة الرئيسية

الصفحات

الدكروري يكتب عن الهجرة خطة علمية مدروسة


بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الثلاثاء الموافق 30 ابريل 2024

الحمد لله شرح صدور المؤمنين فانقادوا لطاعته، وحبب إليهم الإيمان وزينه في قلوبهم، فلم يجدوا حرجا في الاحتكام إلى شريعته، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحبه، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد إن توزيع الأدوار في الهجرة النبوية جاء مرتبا مخططا منظما وفق خطة علمية مدروسة، فالقائد العام هو رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، والمساعد هو أبو بكر الصديق رضى الله عنه، والفدائي هو الإمام علي بن أبى طالب رضى الله عنه، والتموين هى السيدة أسماء بنت أبى بكر رضى الله عنها، والاستخبارات هو عبدالله بن أبى بكر رضى الله عنه، والتغطية وتعمية العدو هو عامر بن فهيرة، ودليل الرحلة هو عبدالله بن أريقط، والمكان المؤقت هو غار ثور فى جبل ثور.




وموعد الانطلاق بعد ثلاثة أيام، وخط السير الطريق الساحلي، وهذا كله شاهد على عبقريته وحكمته صلى الله عليه وسلم، وفيه دعوة للأمة إلى أن تحذو حذوه في حسن التخطيط والتدبير وإتقان العمل واتخاذ أفضل الأسباب مع الاعتماد على الله مسبب الأسباب أولا وآخرا، وإن الله قادر على حمل نبيه صلي الله عليه وسلم، في غمامة أو سحابة أو يسخر له الريح كما سخرها لنبيه سليمان عليه السلام فتحمله في طرفة عين من مكة إلى المدينة، ولكن الله يريد أن يعطينا درسا لا ننساه وهو التخطيط والأخذ بالأسباب، كذلك كان صلى الله عليه وسلم مثلا أعلى للتخطيط في الغزوات، ففي غزوة بدر، لما وصل الجيش ماء بدر قال الحباب ابن منذر يا رسول الله أرأيت هذا المنزل، أمنزلا أنزلكه الله ليس لنا أن نتقدمه ولا نتأخر عنه، أم هو الرأى والحرب والمكيدة ؟ 



قال صلى الله عليه وسلم بل هو الرأى والحرب والمكيدة، قال يا رسول الله، فإن هذا ليس بمنزل، فامض بالناس حتى نأتي أدنى ماء من القوم فننزله، ثم نغور ما وراءه من القلب، ثم نبنى عليه حوضا فنملؤه ماء، ثم نقاتل القوم فنشرب ولا يشربون، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لقد أشرت بالرأي" فاستحسن رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الرأي وفعله" وذكر ابن سعد أن جبريل نزل على النبي صلى الله عليه وسلم فقال الرأي ما أشار به الحباب، وفعلا نجحت الخطة، ولم يستطع العدو الشرب من هذه الماء، بل أصبح القليب مقبرة لهم، رُمي فيه قتلاهم، وناداهم النبي صلى الله عليه وسلم بأسمائهم وسألهم عن أحوالهم، وفي غزوة أحد وضع النبي صلى الله عليه وسلم خطة محكمة، فلما خالف الرماة أمره صلى الله عليه وسلم وتركوا الجبل لاحقتهم الهزيمة في أول الأمر. 




فما إن تداركوا خطورة الأمر حتى كان النصر حليفهم، وفي غزوة الأحزاب لما علم الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم بالأمر ، استشار أصحابه وقادته في الحرب، فأشار عليه سلمان الفارسي بحفر خندق في مشارف المدينة، اعتمادا علي خبرته في حرب الفرس، وقال يا رسول الله، إنا كنا بأرض فارس إذا حوصرنا خندقنا علينا، فاستحسن الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة رأيه، وعملوا به، وبدت طلائع جيوش المشركين مقبلة على المدينة من جهة جبل أحد، ولكنهم فوجئوا بوجود الخندق، حيث أنهم ما كانوا متوقعين هذه المفاجأة، وحينما اشتد الكرب علي المسلمين، دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم علي الأحزاب فاستجاب الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم فهبت وأقبلت بشائر الفرج والنصر، ورجعت قريش والأحزاب خائبين منهزمين، وانفك الحصار، وعاد الأمن، وثبت المؤمنون، وانتصر الإيمان.

تعليقات