بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الجمعة الموافق 3 مايو 2024
الحمد لله برحمته اهتدى المهتدون، وبعدله وحكمته ضلّ الضالون، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له لا يُسأل عمّا يفعل وهم يُسألون، وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله، تركنا على محجّة بيضاء لا يزيغ عنها إلا أهل الأهواء والظنون، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا مَن أتى الله بقلب سليم ثم أما بعد، إن الأشخاص الذين ينخرطون في الجهود المبذولة من أجل التحقيق في قضايا الفساد والإبلاغ عنها وملاحقة مرتكبيها ومحاكمتهم، فهم معرّضون بشكل متزايد لخطر انتهاك حقوق الإنسان التي يتمتعون بها ويجب حمايتهم بشكل فاعل، ويجب أن تتوافق الجهود الرامية إلى مكافحة الفساد مع معايير حقوق الإنسان وإلا تفقد شرعيتها وتقدم معايير ومبادئ وآليات حقوق الإنسان.
فرصا إضافية تكمّل الجهود المبذولة لمكافحة الفساد، وتشجع المفوضية السامية لحقوق الإنسان اعتماد نهج قائم على حقوق الإنسان لمكافحة الفساد، وهو نهج يضع استحقاقات حقوق الإنسان الدولية وما يقابلها من التزامات تقع على عاتق الدولة في صلب النقاش بشأن الفساد والجهود المبذولة لمكافحته على كافة المستويات، فإنه ينبغي علينا أن نحارب الفساد سرا وجهرا بجميع الصور وبجميع الوسائل، وأن لا نجامل، وأن نعد هذه كارثة ومصيبة فإذا نزل البلاء فإنه يعم الصالح والطالح، فالإفساد في الأرض له ضرر عظيم على البلاد والعباد، وحتى على الحيوانات، والبر والبحر والطيور والدواب فكل يتضرر من إفساد العباد في الأرض، فقال أبو هريرة رضي الله عنه" والذي نفسي بيده إن الحبارى لتموت هزلا في وكرها بظلم الظالم " والحبارى هو نوع من الطيور.
وقال مجاهد رحمه الله، إن البهائم تلعن عصاة بني آدم إذا اشتد القحط، وأمسك المطر، وتقول هذا بشؤم معصية ابن آدم وفساده في الأرض، وقال عكرمة رحمه الله، إن دواب الأرض وهوامها، حتي الخنافس والعقارب يلعنون المفسد ويقولون مُنعنا القطر بذنوب بني آدم، لذلك تفرح الطيور والدواب والشجر، بموت العبد الفاسد الفاجر، فقد قال صلى الله عليه وسلم "إذا مات العبد الفاجر استراح منه العباد والبلاد والشجر والدواب" رواه مسلم، وبإفسادهم هذا يحرمون محبة الله تعالى ومن حرم محبة الله شقي في الدنيا والآخرة، ولن يفلح لهم عمل، ويقام عليهم حد الحرابة، وهذه العقوبة الشديدة للمفسدين في الأرض، بجميع صور الفساد، ولقد جعل الله تعالى العاقبة الحسنى لمن ابتعد عن الفساد وكان أمينا مخلصا في هذه الحياة الدنيا، فالذين ابتعدوا عن الفساد بجميع صوره.
هم الذين لهم الدرجات العلى في الجنة، نسأل الله ألا يحرمنا ذلك، وهكذا فإنه تتزايد معدلات انتشار الفساد بأشكاله المختلفة في مجتمعاتنا العربية بشكل مبالَغ فيه، ما يدل على أننا تجاوزنا الحكمة أو الصواب في تسيير حوائجنا، وأدرك الخلل آلية التقدم والرقي، ولم تسلم المؤسسة الدينية من شرر نار الفساد الذي استشرى في مفاصل الحراك المجتمعي، حتى بات العائق الأول أمام النهضة الشمولية في أي مجتمع ينشد البناء الحضارى، فكل فاسد يقرب عددا من علماء الدين إلى حاشيته لقيمة الدين الفطرية في نفوس الناس، وتأثرهم به، وقد يظهر احترامه للرموز الدينية، ويحرص على الظهور الإعلامي معهم في المناسبات المختلفة لكَسب تعاطف الجماهير، وهو في الحقيقة من أشد مناهضي الصلاح والإصلاح.
تعليقات
إرسال تعليق