القائمة الرئيسية

الصفحات

رسالة إلي الرئيس بعد خطاب التنصيب.. الشعب ينتظر تحسين مستوي معيشته

بقلم ✍️أ. د. #محمدحجازى ، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة.

      مابين أداء يمين دستورية لولاية أخيرة للرئيس السيسي وترقب إجراء تغيير وزاري وحركة محافظين ، الشعب يترقب وينتظر .

ففي الفترة القليلة الماضية التالية لخطاب التنصيب ، حاز موضوع التغيير الوزاري المرتقب على اهتمام الجميع ، جمهور عادٍ ونواب وسياسيين من مختلف التوجهات السياسية .

وصدرت العديد من التكهنات والتوقعات بهذا الأمر ، سواء بشأن تغيير الحكومة أو بشأن الإبقاء علي رئيس الحكومة وإجراء تعديل وزاري كبير يطال عدد من الحقائب الوزارية علي غرار التعديل الوزاري الأخير في ١٣ أغسطس ٢٠٢٢ والذي
استهدف وقتئذ تطوير الأداء الحكومي في بعض الملفات الهامة على الصعيدين الداخلي والخارجي.

تخوفات الشعب :
---------------------
 وسط هذه التكهنات والتوقعات من هنا وهناك ، يخشي الشعب أن تستمر هذه الحكومة بنفس قوامها الأساسي التي قادت الي إرهاق وإفقار الشعب، ويخشي الشعب من إجراء تعديل وزاري محدود ومحبط كما حدث في السابق، ويخشي الشعب أن تكون هناك تغييرات في الوجوه لا في السياسات .

خطاب الرئيس وتحية الشعب :
---------------------------------
لعل أروع ما تضمنه خطاب الرئيس السيسي أثناء أداء اليمين الدستورية هو حرصه علي توجيه التحية والتقدير للشعب البطل الملهم، لقد تضمن خطاب الرئيس عدة نقاط متعلقة بملامح السياسة العامة للدولة في السنوات الست القادمة بعضها يحتاج إلى عقود إنجازها ؛ لذا ومن منطلق فقه الأولويات ( الأهم فالمهم فالأقل أهمية ) ، وفي ظل تأجيل إجراء تغيير وزاري وما سيعقبه من إجراء حركة محافظين لمابعد انتهاء إجازة عيد الفطر المبارك ، نجدد نفس الرسالة التي وجهناها إلى فخامة الرئيس قبيل أداء اليمين الدستورية 

فخامة الرئيس :

مرت ١٠ سنوات في حكم مصر عبر دورتين ، الأولي ٤ سنوات والثانية ٦ سنوات ، وأمامك ٦ سنوات أخيرة ( ٣ أبريل ٢٠٢٤ - ٢ أبريل ٢٠٣٠ ) .

هنا يثور تساؤلان في أذهان الجميع 
التساؤل الأول : ما هي أمنيات وآمال الشعب المصري ومدي إمكانية تحقيق هذه الأمنيات وتلك الآمال خلال السنوات الستة القادمة ؟

التساؤل الثاني : ماذا تحقق من إنجازات علي مدار السنوات العشر الماضية ؟

فخامة الرئيس :

فيما يتعلق بالتساؤل الأول : الشعب يرجو تحقيق أمنيات خمسة :
الأمنية الأولي : تحقيق الاكتفاء الذاتي :
بمعني تبني سياسات زراعية وصناعية معا ( استراتيجية الاكتفاء الذاتي ) تقود إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي وسد فجوة الإنتاج .

لاشيء يضاهي تحقيق الاكتفاء الذاتي المحلي مهما كانت تكلفته باهظة ، حتي لا نكون تحت رحمة أحد، وحتي لا نقع تحت رحمة الظرف الخارجي .

إن تحقيق الاكتفاء الذاتي سيقود إلى استراتيجية الإحلال محل الواردات ومن ثم يضمن تحسن حالة الميزان التجاري المصري 

الأمنية الثانية : تحقيق الاكتفاء الدوائي :

الدواء سلعة تعني حياة مريض . ولذا فإن الطلب عليها يكون عديم المرونة بمعني أن الكمية المطلوبة من الدواء ثابتة نسبيا لا تتغير بتغير سعر الدواء .
ومن ثم يجب الاهتمام بدعم صناعة الدواء في مصر ، فكم تكبدنا من خسائر نتيجة لاستيراد الدواء من الخارج ، وكم تحكم الخارج في المادة الفعالة في الدواء ، وكم خسرنا من بيع المواد الخام الدوائية إلي الخارج بأثمان زهيدة ، وكم عاني المواطن من ارتفاع أسعار الدواء ، وكم نال هذا وذاك سلبا من حالة ميزان المدفوعات المصري .

الأمنية الثالثة : ثورة حقيقية في التعليم :

يجب النظر إلي قضية تطوير التعليم علي أنها قضية دائمة وثابتة وتمس بقوة الأمن القومي وقوة الدولة ، وأيا كانت تكلفة تطوير التعليم ، فإن تطوير التعليم لا يقدر بثمن ؛ حيث إن الدول تتقدم وتتطور بالتعليم . 

يحزننا أن نري مصر في مركز متأخر جدا جدا جدا في التعليم الحكومي في ظل المقاييس الخاصة بالتنمية البشرية عالميا وإقليميا وعربيا، وأصبحنا في مركز متأخر بعد أن كان وكنا .

كانت بداية الثورة العلمية في مصر مع بداية نفس الثورة في اليابان، فأين نحن الآن مما وصلت إليه اليابان ؟
لقد تم تدمير اليابان بالقنبلة الذرية في هيروشيما ونجازاكي ، واستطاعت اليابان أن تجتاز هذا الدمار وتصبح من الدول الكبرى اقتصاديا وصناعيا عندما اهتمت بالتعليم .. لماذا ؟

لأن اليابان آمنت بأن الإهتمام بالعلم والتعليم أول درجات سلم الارتقاء بالوطن ، فالثروة البشرية هي ثروة الأوطان المستدامة وصقل هذه الثروة بالعلم والتعليم هو مايحقق نهضة الوطن وارتقاءه وعلو شأنه.

سنغافورة لم تكن لتصل إلى ماهي عليه اليوم لولا أن كانت بدايتها الاهتمام بالتعليم ، فقد أعطت التعليم أغلب ميزانيتها وجعلت رواتب المعلمين من أقوى الرواتب ، فقد كان المعلم يقبض راتب يعادل راتب الوزير .

إن التعليم الحكومي في مصر لم يعد لها منقذا ، فهل سيتم تدارك هذا الأمر ؟!. 

الأمنية الرابعة : تطوير الخدمات الصحية داخل المستشفيات الحكومية ومستشفيات الجامعات المصرية :

إن الاستثمار في العنصر البشري يقتضي الاهتمام بالتعليم والصحة بشكل متوازن . 

غنيٌّ عن البيان أن قطاع الصحة في مصر يحتاج إلى ثورة في أسلوب إدارة مؤسسات وزارة الصحة بشكل يقود في النهاية إلى الارتقاء بمستوي الخدمات الصحية ويحقق التكامل بين مستشفيات وزارة الصحة ومستشفيات الجامعات المصرية ومستشفيات التأمين الصحي وهيئة الإسعاف المصرية .

الأمنية الخامسة : تصحيح الاختلالات الهيكلية في بنيان الاقتصاد المصري من أجل تحقيق القوة الاقتصادية .

واقتصاديا ، يعاني الاقتصاد المصري من أربعة اختلالات هيكلية هي :
١ - اختلال بين الإنتاج والاستهلاك ( فجوة في الإنتاج )
٢ - اختلال بين الصادرات والواردات ( عجز في ميزان المدفوعات )
٣ - اختلال بين الادخار والاستثمار ( فجوة في الاستثمار )
٤ - اختلال بين إيرادات الدولة ونفقاتها ( عجز في الموازنة العامة ).

الأمر يقتضي تبني استراتيجية واقعية لتصحيح هذه الاختلالات وتجاوز الأزمة الاقتصادية الراهنة في مجال يسوده الصراع التجاري والتنافس الدولي الشرس .

وبالعودة إلى ما تحقق من إنجازات علي أرض الواقع في ظل المبادرات والمشروعات علي مدار عشر سنوات ، فنحن قد شهدنا ولمسنا وعايشنا التغيير الجوهري في البنية الأساسية وفي مرافق الدولة وفي قطاعات الرصف والنقل والاتصالات وغيرها ، ونعتقد أنها قد حققت المأمول منها .

وختاما نقول : إن الوطن فوق الجميع ، وأهم من الجميع ، وأغلى من الجميع رأس مالنا الوحيد هو الوطن. 

ننهي رسالتنا من حيث بدأنا ، أمنيات وآمال وتطلعات مشروعة تصب في صالح الوطن والمواطن ، نأمل تحقيقها في السنوات الست القادمة .

إن مصر تمر الآن بمرحلة عصيبة نراها الأخطر عبر تاريخ مصر الطويل ؛ وذلك لفرط ما تواجهه مصر من تحديات داخلية وإقليمية دولية، فالأمر يقتضي توحيد الجهود نحو امتلاك كافة عناصر قوة الدولة ، وبما يضمن الانتقال بمصر من كونها دولة ثابتة في مواجهة تحديات حروب الجيل الرابع وإرهاصات حروب الجيل الخامس ، إلى كونها دولة قوية .

تعليقات