القائمة الرئيسية

الصفحات

بقلم/د. إيهاب زغلول

لاشك أن من أعظم الدروس المستفادة من شهر رمضان المعظم الذي هم بالرحيل عنا،هي المداومة على الطاعة ، فشهر رمضان الكريم موسم تنوع الطاعات، والقروبات وفعل الخير
وملازمة العبادات، ورب رمضان هو رب جميع الشهور، فالأحري بنا أن نخرج من مدرسة رمضان وقد استوعبنا الدروس الإيجابية جيداً بالأقبال على الصلاة والخشوع والحرص على الجماعة وأعمال البر قال تعالى “لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ۚ” وأعمال البر لاتتوقف على سلوكيات العبادة فحسب بل الي كل مجامع الخير ونفع الناس وأن يكون في أخلاقنا آية فالدين المعاملة و الإسلام هو دين الأخلاق والسلوك القويم قال تعالى “إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ”، فالمحروم من حرم خير الشهر الكريم ، وتركه وودَّعه ولم يُغْفر له، والسعيد من صامه إيمانًا واحتسابًا؛ فكانت المغفرة ختامًا له، جزاء حبس النفس عن الهوى والشهوة، وصبرها على ألم الجوع وحرقة العطش واجتهادها في الطاعة والقرب من الله، ليتنا نستفيد من هذا التدريب النفسي على الطاعة والشحنة الإيمانية التي اكتسبناها مع شهر الخيرات لنعيد تقويم سلوكياتنا وسائر أمور حياتنا.

والنفس الإنسانية قد خلقها الله على الخير كي تزرعه وتحصده نبتا يافعا جميلا تعمر به الدنيا وتستقيم به الحياة لبنى الإنسان، لكن هناك من يجهلون تلك الحقيقة الجلية، تائهين، غافلين، منخرطين في عرض الدنيا منكبين عليها يعشقون زخارفها وملذاتها وشهواتها الفانية فيعيثون في الأرض الفساد ويتحررون من القيم والمبادئ والأخلاق، ويلهثون وراء الحرمات والعربدة بالمال والتباهي بالجبروت والصحة والسطوة فهناك من يتكبر بالنعم التي أسدلها الله عز وجل وأسبغها عليهم لا يشكرون ولا يحمدون يخربون الضمائر ويتاجرون بالدين ويلهثون وراء النفعية والبراجماتية والغاية تبرر الوسيلة مهما كانت الوسيلة ضد الأخلاق أو الدين والضمير ولا عزاء للإنسانية.

ونحن في هذه الأشهر المباركة نرسل دعوة للتصالح مع النفس وإعادة ترتيبها من الداخل والتصالح مع رب العباد قبل أن ينتهي قطار العمر ليصل في محطة النهاية وعندها لا ينفع الندم.. إنها دعوة لهجر القسوة وغلظة القلوب وسوادها الذي أطبق على سلوك أصحابها فأصبح قميئا قبيحا يثير البغضاء ويزرع الكراهية بين الناس.

والسؤال الذي يتردد في ذهني باستمرارهب أن هؤلاء لهم عقول مثل عقولنا التي خلقنا الله عليها ألم يحكموها ولو لحظة في مسيرة حياتهم المظلمة؟ ألم يدرك هؤلاء أن الصبح آت لا محالة وغدا لناظره قريب، فما قيمة المال يوم لا ينفع مال أو بنون إلا من ذكر الله بقلب دافئ مطمئن ملئ بالإيمان راسخ بالعقيدة زاهد في دنيا الناس ومطامعها المتكاثرة، أين جبابرة الدنيا وأزمانهم الغابرة وممالكهم الزاخرة؟ كل في فناء والى فناء فالفناء حقيقة راسخة يتجاهلها كثيرون لكنها آتية ولا ينفع ساعتها سوى نفس مطمئنة مؤمنه تائبة طاهرة راجعة إلى ربها في رحابه ومعيته ومحبته.

تعليقات