القائمة الرئيسية

الصفحات

الدكروري يكتب عن حال الصالحين العاملين في رمضان

بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : السبت الموافق 9 مارس 2024

الحمد لله ذي الجلال والإكرام حي لا يموت قيوم لا ينام، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك الحليم العظيم الملك العلام، وأشهد أن نبينا محمدا عبده ورسوله سيد الأنام والداعي إلى دار السلام صلى الله عليه وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان، ثم أما بعد، ساعات قليلة ويبدأ شهر رمضان شهر البر والإحسان، ولكن ماذا إستفدنا من شهر شعبان الذي لم يتبفي عليه سوي يوم واحد ؟ وأين آثاره على نفوسنا وسلوكنا وأقوالنا وأفعالنا؟ واعلموا يرحمكم الله أن حال الصالحين العاملين في رمضان صيام وقيام، وتقلب في أعمال البر والإحسان، وبعد رمضان محاسبة للنفس، وتقدير للربح والخسران، وخوف من عدم قبول الأعمال، لذا فألسنتهم تلهج بالدعاء والإلحاح بأن يقبل الله منهم رمضان، أما المفرطون نعوذ بالله من حالهم، فهم نوعان.




أناس قصروا فلم يعملوا إلا القليل، صلوا التراويح والقيام سراعا، فهم لم يقوموا إلا القليل، ولم يقرءوا من القرآن إلا القليل، ولم يقدموا من الصلوات إلا القليل، الصلوات المفروضة تشكو من تخريقها ونقرها، والصيام يئن من تجريحه وتضييعه، والقرآن يشكو من هجره ونثره، والصدقة ربما يتبعها منّ وأذى، الألسن يابسة من ذكر الله، غافلة عن الدعاء والإستغفار، فهم في صراع مع الشهوات حتى في رمضان، لكن فطرة الخير تجذبهم، فتغلبهم تارة ويغلبونها تارات، فهم يصلون التراويح، لكن قلوبهم معلقة بأشياء أخرى، وكانوا هم يقرءون القرآن في النهار، لكنهم يصارعون النوم بعد ليالي من السهر والتعب والإرهاق من الدورات الرياضية والجلسات الفضائية المواقع الإباحية إلا ما رحم الله من عباده، أما الصلاة، فصلاة الظهر عليها السلام. 





وربما العصر بل وربما الفجر، كل ذلك بسبب التعب والإرهاق كما يقولون فهؤلاء لم ينتبهوا إلا والحبيب يرحل عنهم، فتجرعوا مرارة الرحيل، بكاء وندما، حزنوا، ولكن بعد ماذا؟ بعد فوات الأوان، بعد أن انقضت أفضل الأيام، أما النوع الثاني من المفرطين فهم الخاسرون نعوذ بالله من الخسران فهناك من لم يقم رمضان، ولم يقرأ القرآن، وربما لم يصم في رمضان، فنهاره ليل وليله ويل، لا الأواخر عرفوها ولا ليلة القدر قدروها، فمتى يصلح من لا يصلح في رمضان؟ متى يصح من كان من داء الجهالة والغفلة مرضان؟ متى يزرع من فرط في وقت البذار، فلم يحصد غير الندم والخسار؟ مساكين هؤلاء فاتهم رمضان وفاتهم خير رمضان، فأصابهم الحرمان وحلت عليهم الخيبة والخسران، قلوب خلت من التقوى فهي خراب بلقع، لا صيام ينفع ولا قيام يشفع.





قلوب كالحجارة أو أشد قسوة، حالها في رمضان كحال أهل الشقوة، لا الشاب منهم ينتهي عن الصبوة، ولا الشيخ ينزجر فيلحق بالصفوة، فيا أيها الخاسر، إياك أن يرحل رمضان وأنت في غفلة فهو يشهد عليك بالخسران، فأصبح لك خصما يوم القيامة، وإياك أن يرحل رمضان وهو يشهد عليك بهجر القرآن، فيا ويل من جعل خصمه القرآن وشهر رمضان، فيا من فرط في عمره وأضاعه، كيف ترجو الشفاعة؟ أتعتذر برحمة الله؟ أتقول لنا إن الله غفور رحيم؟ لكن " إن رحمة الله قريب من المحسنين" العاملين بالأسباب الخائفين المشفقين، فقد سئل ابن عباس رضى الله عنهما عن رجل يصوم النهار ويقوم الليل ولا يشهد الجمعة والجماعات، فقال رضي الله تعالى عنه "هو في النار"

تعليقات