بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : السبت الموافق 24 فبراير 2024
الحمد لله حمدا كثيرا كما أمر والصلاة والسلام على محمد سيد البشر، الشفيع المشفع فى المحشر، صلى الله وسلم وبارك عليه ما اتصلت عين بنظر او سمعت اذن بخبر، فقد قال تعالى ولم يزل قائلا عليما وآمرا حكيما تشريفا لقدر المصطفى صلى الله عليه وسلم وتعظيما " وإنك لعلي خلق عظيم" أما بعد ذكرت المصادر الإسلامية كما جاء في كتب الفقه الإسلامي الكثير عن حادثة تحويل القبلة من المسجد الأقصي إلي المسجد الحرام، وإن من الدروس المستفادة من تحويل القبلة هو الابتلاء والامتحان والاختبار، وهذا الدرس يتمثل في قوله تعالى " وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب علي عقبيه وإن كانت لكبيرة إلا علي الذين هدي الله " ويقول ابن كثير رحمه الله.
يقول تعالى فيما معني الآيات أنه إنما شرعنا لك يا محمد التوجه أولا إلى بيت المقدس، ثم صرفناك عنها إلى الكعبة، ليظهر حال من يتبعك ويطيعك ويستقبل معك حيثما توجهت ممن ينقلب على عقبيه، أي مرتدا عن دينه " وإن كانت لكبيرة " أي هذه الفعلة، وهو صرف التوجه عن بيت المقدس إلى الكعبة، أي وإن كان هذا الأمر عظيما في النفوس، إلا على الذين هدى الله قلوبهم، وأيقنوا بتصديق الرسول، وأن كل ما جاء به فهو الحق الذي لا مرية فيه، وأن الله يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد، فله أن يكلف عباده بما شاء وينسخ ما يشاء، وله الحكمة التامة والحجة البالغة في جميع ذلك، بخلاف الذين في قلوبهم مرض، فإنه كلما حدث أمر أحدث لهم شكّا كما يحصل للذين آمنوا إيقان وتصديق.
فتحويل القبلة جلى وأظهر الإيمان في نفوس المؤمنين، والنفاق والشرك في نفوس أهله، فالمؤمنون قالوا سمعنا وأطعنا كل من عند ربنا، أما اليهود فقالوا خالف قبلة الأنبياء، ولو كان نبيا لاستمر على قبلته، وأما المنافقون فقالوا ما يدري محمد أين يتجه في صلاته، إن كانت الأولى حقا فقد تركها، وإن كانت الثانية حقا فقد كان على الباطل " كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا" وإن الله عز وجل حينما يأمرنا بأمر أو ينهانا عن شيء فإن ذلك إختبار وامتحان لنا وكل ما يمر بنا في هذه الدنيا من مصائب ونوائب وبلاء فإنما هو اختبار وامتحان، فقد اقتضت حكمة الله تعالى أن يبعث على الناس في عهد النبوة بين الحين والحين ريح فتنة يبتلى بها ما في النفوس ليظهر الصادق في إيمانه.
والتي لا تزلزله الفتن ولا تنال منه الزعازع من المنافق الذي لا يلبث أن يكشف ما في نفسه من ظلمات الشكوك وعوامل الهزيمة فيذوب في الفتنة كما يذوب الملح في الماء ولقد كان حادث تحويل القبلة من بيت المقدس إلى المسجد الحرام إحدى هذه الإبتلاءات الكبرى التي أراد الله تعالى بها هز المجتمع الإسلامي لتسقط عن شجرته المباركة الأوراق اليابسة، والثمرات العفنة ولا يبقى إلا القوى الجيد الذي له من صلابة الإيمان، وقوة اليقين ونور البصيرة ما يرد عنه مضلات الفتن وينجيه من بوائقها، فاللهم إنا نسألك أن تجعلنا من الآمنين يوم الدين، وأن تغفر لنا ذنوبنا أجمعين، تجاوز عنا بحلمك يا حليم، وكفر عنا سيئاتنا يا غفور يا رحيم، اللهم أقل عثرتنا واغفر زلتنا، وامح سيئاتنا، اللهم زد حسناتنا، وضاعفها لنا يا كريم، اللهم إنا نسألك الأمن يوم الفزع، والستر يوم الفضيحة، استرنا بسترك الجميل، واصفح عنا الصفح الجزيل.
تعليقات
إرسال تعليق